الموقف الذي صدر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إزاء تصوره وتوجهه نحو قطاع غزة وسكانه أصاب العالم بصدمة، خصوصا العالم العربي. ترامب شغل موقع الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية من 2017 حتى 2021، ثم عاد بالأمس بعد معركة طاحنة مع الحزب الديمقراطي، لكنه عاد بأفكار خارقة لم يكن يتصورها أحد.
المعروف أن ثروة ترامب تراكمت نتيجة عمله كمطور عقاري، واشتهر بالصفقات العقارية الناجحة، ولهذه الأسباب حين رسب الرئيس جو بايدن بالامتحان تنفس كثر في الوطن العربي الصعداء بسبب انحياز بايدن المطلق والكبير إلى جانب إسرائيل. لكن هذا التنفس، سرعان ما تحول إلى صدمة وضيق نفس مع عودة ترامب المظفرة إلى البيت الأبيض. كان التوقع الأساسي إزاء عودته وولايته الجديدة أنه لا يمكن لك أن تتوقع كيف سيتصرف، والحقيقة أن مواقفه فاقت وخالفت كل التوقعات في العالم، وقد بدأ ولايته الجديدة بطموح تكبير مساحة الولايات المتحدة الأميركية. اقترح أولا أن تنضم كندا إلى أميركا وتصبح الولاية رقم 51، ملغيا تاريخ هذا البلد العريق، قافزا فوق تأثيره ومبرر وجوده، معتبرا أن كندا عبارة عن قطعة أرض من دون سيادة أو أهمية أو نكهة. الأمر لم يقف عند حدود كندا، بل توسع صوب بنما معلنا أن قناة بنما التي بنيت سنة 1914، يمكن أن تصبح مرة أخرى ملكًا للولايات المتحدة. لماذا؟ لأن بنما في رأي ترامب تسرق الولايات المتحدة بلا خجل، فتفرض رسومًا باهظة مقابل المرور في هذا الطريق السريع الاستراتيجي. 

كما لم يقف الأمر عند هذا الطموح، بل اقترح أن تصبح المكسيك ولاية أميركية إضافية؛ لأن واشنطن سئمت من دعم هذه الدولة أيضا حسب قوله.
أحلام وآمال ترامب تجاوزت القارة الأميركية ومحيطها، بل تطلعت نحو منطقتنا وتحديدا نحو فلسطين، حيث اقترح الاستيلاء على قطاع غزة بعد تدميره من قبل إسرائيل، وطالب بتهجير وترحيل سكانه إلى كل من صحراء سيناء والأردن.
يحتقر ترامب الحدود وهو يفكر تجاه الدول، كما فكر حين كان يعمل في التطوير والصفقات العقارية.
ريفيرا الشرق الأوسط، هذا ما أطلقه على قطاع غزة بعد الاستيلاء والتهجير والتطوير.
أغلب الدول الأوروبية ترفض هذا المقترح الأخرق الخارج عن التفكير والأصول، أغلب الدول العربية ردت عليه بالرفض، وسكان غزة وهم الأساس والذين ضربتهم النكبات والويلات جراء إجرام إسرائيل ردوا بصوت واحد: “غزة ليست للبيع”.

كاتب وأستاذ جامعي من لبنان