تعيش بيروت هذه الأيام فرحة وبهجة كبيرة لا توصف بعد انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية، واختيار رئيس محكمة العدل الدولية القاضي الدكتور نواف سلام رئيسا للحكومة المقبلة. لكن هذا الفرح والبهجة التي تعم أغلب مناطق لبنان تقف عند حدود الثنائي أمل وحزب الله. الثنائي المشار إليه كان قد رفض سابقا انتخاب قائد الجيش، ورفض أكثر من مرة اختيار القاضي سلام رئيسا للحكومة، مع أن قطاعات شعبية واسعة كانت قد رشحته سابقا، وعلى وجه الخصوص شابات وشباب انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، والتي ترافقت مع الانهيار المالي والاقتصادي في بيروت.
يمكن اعتبار الرئيسين عون وسلام مرشحي الانتفاضة اللبنانية المشار إليها، وأن ما يجري في بيروت اليوم هو بمثابة قطف ثمار الانتفاضة الشعبية بشكل مؤجل ومتأخر. والسبب أن قائد الجيش، يومها، كان قد رفض قمع الانتفاضة، وهذا ما دفع رئيس الجمهورية السابق ميشال عون إلى مقاطعته لأنه سمح للمتظاهرين بالنزول إلى الطرق. أكثر من ذلك، فإن صهر العهد يومها، زوج ابنة الرئيس عون جبران باسيل، كان قد اتهم قائد الجيش بالخيانة وقلة الوفاء، عبر تصريحات ومواقف متلفزة، بسبب أنه ترك للمتظاهرين حرية التظاهر والتعبير ولم يقدم على قمعهم ومنعهم ومواجهتهم. كان باسيل يعتبر أن على قائد الجيش يومها استخدام القوة مع المتظاهرين، وعدم السماح لهم بالتظاهر، فيما اعتبر قائد الجيش الذي أصبح اليوم رئيسا للجمهورية، أن قمع الاحتجاجات الشعبية سيعرض وحدة الجيش للخطر.
وسيضع الجيش بمواجهة أهله وناسه وعائلاته المشاركة في الانتفاضة للاحتجاج على التدهور الاقتصادي.
منذ تلك اللحظة، بات اسم قائد الجيش مطروحا لرئاسة الجمهورية، وتعززت فرصه وسمعته المحلية والدولية، فتم تثبيته كمرشح أول، كما تم تثبيت موقع القاضي سلام كمرشح أول لرئاسة الحكومة.
عمليا، ما جرى ويجري الآن في لبنان، هو تثبيت حامي الانتفاضة رئيسا للجمهورية، ومرشحها الدائم رئيسا للحكومة، الذي انطلق في مشاوراته مع باقي الكتل وسط مقاطعة وحرد الثنائي أمل وحزب الله.
عمليا، لبنان دخل مرحلة جديدة، من النهوض والانطلاق، لتعويض ما أصابه من ويلات وخسائر، منذ أن دخلت إيران على خط تثبيت النفوذ والتحكم في هذا البلد.. فهل من الجائز للثنائي البقاء خارج إطار هذه الفرصة، أم الانخراط في العملية والمرحلة الجديدة لإعادة بناء الدولة؟
كاتب وأستاذ جامعي من لبنان