العدد 5942
الإثنين 20 يناير 2025
الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية
الإثنين 20 يناير 2025

 تُعتبر الاجتماعات في بيئة العمل من الأدوات الأساسية لإدارة الفرق ومناقشة القضايا واتخاذ القرارات. ومع ذلك، اختلفت الآراء حول جدواها وفعاليتها، فقد تلقيت كغيري عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما أثاره رجل الأعمال محمد العبار من جدل بتصريحه بأن الاجتماعات في العمل غير مُجدية، بينما خالفه في الرأي رجل الأعمال خلف الحبتور، مؤكدًا أن الاجتماعات يمكن أن تكون فعالة إذا أُديرت بطريقة صحيحة.
 محمد العبار يرى أن الاجتماعات تُهدر الوقت والطاقة ولا تحقق النتائج المرجوة، ويستند رأيه إلى أن كثرة الاجتماعات تُعيق الإنتاجية، وأن الموظفين يقضون ساعات طويلة في مناقشات قد تكون غير ضرورية على حساب إنجاز العمل. كما أن العديد من الاجتماعات تُعقد دون أجندة مُحددة، ما يؤدي إلى تكرار النقاشات وتشتت الجهود.  فالعبار يؤمن بوجود وسائل أخرى للتواصل، مثل البريد الإلكتروني أو تطبيقات العمل الجماعي التي توفر الوقت وتضمن نقل المعلومات بشكل مباشر ودقيق. على الجانب الآخر، يرى خلف الحبتور أن الاجتماعات تظل أداة حيوية في إدارة الأعمال، بشرط أن تُدار بشكل صحيح، وتوفر فرصة لجمع الفرق في مكان واحد لمناقشة القضايا ومشاركة الأفكار، ما يُعزز الفهم الجماعي، كما شدد على أهمية وضع أجندة واضحة وتحديد أهداف الاجتماع مُسبقًا لضمان التركيز والفعالية، فالاجتماعات تؤدي لبناء العلاقات وتعزيز الروح الجماعية، وتُتيح للموظفين التواصل المباشر وتبادل الآراء، الأمر الذي يُعزز الثقة والعمل الجماعي، مُشددًا على أنه من خلال ذلك يمكن تحقيق التوافق بين أعضاء الفريق وجعل القرارات أكثر قوة وتماسكًا. 

 بينما يحمل كل من العبار والحبتور وجهة نظر منطقية، يبدو لي، من وجهة نظري وخبرتي العملية، أن الحل يكمن في إيجاد توازن بين تقليل الاجتماعات المُهدرة للوقت وتحسين جودة الاجتماعات الضرورية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحديد الهدف والنتائج المتوقعة لكل اجتماع مُسبقًا، وتقليل مدة الاجتماعات للحد من هدر الوقت والتركيز على النقاط الرئيسة، وضرورة الاستفادة من الأدوات الرقمية لعقد اجتماعات افتراضية أو متابعة المهمات بدلاً من الاجتماعات المتكررة، ومراجعة فعالية الاجتماعات بشكل دوري للتأكد من تحقيق الأهداف.
 بين من يرى الاجتماعات عبئًا وبين من يعتبرها أداة فعالة، يظل النجاح مرهونًا بكيفية إدارتها. بإدارة صحيحة وخطط مدروسة، يمكن تحويل الاجتماعات إلى وسيلة لتحقيق الإنجاز بدلًا من أن تكون مصدرًا للتعطيل، ما يُحقق التوازن بين الإنتاجية والتواصل الجماعي.
 شخصيًّا، أؤمن بأن اجتماعات الإدارة العليا لأية مؤسسة يجب ألا تكون طويلة، لأنها ببساطة لو تُركت مفتوحة والرئيس يهوى الدخول في تفاصيل العمل بحذافيرها فإنها مُصيبة! فعادةً ما يكون المسؤول مُنغلقًا عن محيط عمله ولا يمكنه أن يرد على الهاتف إلا في حالات الطوارئ. كما أن إشغال المدراء والمسؤولين في اجتماعات عمل أو فعاليات جانبية أخرى كالزيارات وغيرها من الأمور تسبب تأثيرًا على جوهر العمل الوظيفي أو الرئيسي للمسؤول! هذه وجهة نظري الشخصية، وكما ذكرت هذا متروك للقائد والمدرسة التي ينتمي إليها، والأهم قناعته الشخصية بأفضل الممارسات الإدارية.
يقول تشارلز داروين: ليس النوع الأكثر ذكاءً هو الذي يبقى على قيد الحياة، وليس النوع الأقوى هو الذي يبقى على قيد الحياة، ولكن النوع الذي يبقى على قيد الحياة هو النوع الذي يكون قادراً بشكل أفضل على التكيف والتأقلم مع البيئة المتغيرة التي يجد نفسه فيها.
وكما ذكرت في عنوان المقال: “الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية