العدد 5941
الأحد 19 يناير 2025
مواقف بين الشاعرين أحمد بن محمد آل خليفة وغازي القصيبي
الأحد 19 يناير 2025

عرف الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة بشاعر الطبيعة والجمال، ولم تعرف مملكة البحرين على امتداد تاريخها الثقافي شاعرًا أثّرت الطبيعة في تكوين شخصيته كالشاعر أحمد بن محمد آل خليفة. وباختصار شديد كانت الطبيعة شعره، وكان شعره الطبيعة. وأصبح بحق شاعر الطبيعة والجمال وشاعر الحب والربيع، وهو القائل:
أنا مــــن يغـــنـــــــــــــــــي لـــلربيـــــع وإنـنـــــــي        كـــم فـــي فــــــؤادي صبــــــــوة وتشوق
روحــــــي يخـــف بهـــا الجمــــــال وحبهـــا        هــــــــذا الجمــــــال العبقــــــري المشـــرق

وقال الدكتور غازي القصيبي واصفا تعلق الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة بالطبيعة “يذكرك بوجد شعراء نجد بهضابها ونسيمها، وبشعراء الرومانسية ودعوتهم الانطلاق في أحضان الطبيعة ومؤاخاتها. تحس وأنت تقرأ شعره عن الطبيعة أنك أمام عاشق ولهان لا مجرد معجب، تحس أنك تود أن تنطلق إلى أحضان الربيع، وأن تذوب في الطبيعة، وإن هذه النزعة من الهيام بالطبيعة لنادرة في الشعر العربي المعاصر”.
أثرت الطبيعة في وجدانه لدرجة أن جميع عناوين دواوينه العشرة مأخوذة من الطبيعة، ومن بينها على سبيل المثال: هجير وسراب، بقايا الغدران، القمر والنخيل، العناقيد الأربعة، غيوم في الصيف، عبير الوادي، وأنفاس الرياحين.
قال عن نفسه إنه شاعر الطبيعة والجمال، وقد أصبغت عليه الطبيعة نعمة التفاؤل في الحياة، وجعلته يتوصل إلى أن السعادة تكمن في أن يعيش المرء حياة مرح ملؤها السعادة والهناء، وهذا يعتبر قمة التفاعل بينه وبين الطبيعة، بل قمة وفاء الطبيعة لشاعرها، على العكس من بعض أصدقائه الذين كان يؤلمهم حتى التقدم في العمر.
فعندما قررت اللجنة الأهلية لتكريم رواد الفكر والإبداع في مملكة البحرين، تكريم الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة في ديسمبر من العام 2003م كرائد مبدع من رواد الشعر والأدب في مملكة البحرين، اتصلت شخصيًا بصفتي المنسق العام للجنة الأهلية لتكريم الفكر والإبداع بالدكتور غازي القصيبي، وكان حينها في لندن، وأبلغته أن اللجنة سوف تكرم صديقه الشيخ أحمد، فسره ذلك كثيرًا وساهم بقصيدة أرسلها، لكنه نظر فيها إلى الحياة نظرة مغايرة لنظرة الشيخ أحمد، فقال مخاطبًا صديقه الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة:
لم يبق في العــــــمر شيء غير ماضيـه        ردي إليـــــــــه الصبــــا الريـــــان.. رديـــه
بحريــــن كان الشبـــــــاب الحلــو ثالثـنـــــا        واليـــــــوم ثالثنـــــــا شيـــب أواريــــــــــــــه
وكــــان شعـــــــــــــــري بحـــرًا فــي تدفــقـــه        فصـــــار شعـــــري صخــــــرًا في تأبيــــه
أين الجميلات كان القلــــــــب مزدحمًـــــا        بهن.. يرقصــــن رقصًـــا في نواحيــــه
واليوم أحنو علـــــــــى قلبــــي وأحسبــــه        وكــــر العنـــــــاكـــــب تبنــــي بيتها فيــــه


فرد عليه الشيخ أحمد بقصيدة مليئة بالبهجة والتفاؤل، جاء فيها:
اضحك مع الفجـــر إن غنــــت شواديــه        ولا تبـــــــــالــــي بعمـــــــر راح مــــاضــيــــه
انظر إلى الأفـــــــــق والأنــــوار ضاحكــــة        فيه فتـــــبـــيــــــــض بالنجــــــوى لياليــــه
العمــــــــر إن فــــــات يومـــًا لا يعـــــود لنـــا        ولو بذلت الــدراري فــــــــي تراضيــــــه
أما ترى الورد يسري الطيب مـن فمـــه        إلى القلـــــــــوب فتحيـــينــــــا مجانيــــــه
غازي تراني أحـــــــب العيـــــش مبتـهجـًا        بالعمــــر يطربنــــــي بالدهــــــر باقـــيــــــه
قيثارتي لــــــــــم تفارقنـــي علــــى ولهـــي        هذه حياتي وعــــودي سامــــــر فيــــــهإلى أن قال:
غــــازي وأنــــــت بلا شــــــــك تمـــــــيــزنــــي        عن الصحــــــــاب وكــــــل فيـــه ما فيـــه
إن التشــــــــــــــاؤم لا يأتـــــــــي لقافلتـــــــــي        حتى ولو حدها الطوفان فــــي التيــه

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية