مع انتشار تقنية المعلومات وثورة المعلوماتية ظهرت الشبكة العنكبوتية المعروفة اختصارا بالإنترنت. وساهم انتشار شبكة الإنترنت في تعزيز التواصل الحضاري والثقافي والتجاري وكسر العزلة بين الشعوب وجعل العالم في متناول اليد دون عناء أو ترحال. إلا أن هذا الانتشار له بعض الجوانب السلبية لأنه ساعد على خلق وانتشار أنواع جديدة من الجرائم في العالم مما قاد إلى ما يعرف بعولمة الجريمة. والمتأمل لنشاطات الإنترنت يدرك بسهولة ما قدمه من تسهيلات كبيرة للأنشطة الإجرامية مما جعل الأمن الاجتماعي والاقتصادي بل والأمن القومي لكثير من البلدان عرضة لمخاطر أنماط جديدة من الجرائم الذكية عابرة الحدود.
والجريمة الإلكترونية عبر الإنترنت لها خصائص لا تتوفر في الجرائم التقليدية، ومنها، جهاز الكمبيوتر ويعتبر هذا الجهاز “الأداة” الرئيسة لارتكاب جرائم الإنترنت، ولا يمكن تسمية أي جريمة بأنها جريمة إنترنت دون استخدامه، لأنه وسيلة الدخول على شبكة الإنترنت لتنفيذ وارتكاب الجريمة. كل الجرائم الإلكترونية ترتكب عبر شبكة الإنترنت، وهنا تعتبر شبكة الإنترنت العنكبوتية حلقة الوصل والاتصال فيما بين ومع الأهداف المحتملة التي تستهدفها وتغزوها جرائم الإنترنت كالمصارف والشركات وغيرها من الأهداف التي تكون ضحية لهذه الجرائم القذرة. ولهذا قامت الأهداف المستهدفة بعمل خطوط دفاع واقية بوضع وتطوير أنظمة الأمن الإلكترونية.
إن مرتكب الجريمة الإلكترونية ذو خبرة فائقة في مجال الحاسب الآلي وعلى دراية فائقة وخبرة كبيرة في استخدامه وفك رموزه للدرجة التي تمكنه من تنفيذ الجريمة والعمل على عدم اكتشافها، ونجد أن معظم من يرتكبون هذه الجرائم لهم ارتباط أو من “الهواة المحترفين” أو من الخبراء في مجال الحاسب الآلي.
وجريمة الإنترنت تتم عبر الأثير ولا حدود جغرافية لها حيث ألغت شبكة الإنترنت الحدود الجغرافية بين الدول، و يمكن التحدث والاتصال بين أشخاص في بلدان مختلفة وقارات مختلفة في أي الوقت على شبكة الإنترنت.
من أهداف جرائم الإنترنت الأساسية الحصول على المعلومات الإلكترونية التي تكون محفوظة على أجهزة الحاسب الآلي أو منقولة عبر شبكة الإنترنت أو قد يكون هدف هذه الجرائم الاستيلاء على الأموال والممتلكات أو استهداف الأفراد والشركات. وأخيرا قد يكون الهدف من الجريمة أجهزة الكمبيوتر نفسها، وذلك بغرض الحصول على المعلومات، والهدف من العديد من جرائم الإنترنت التي ترتكب يتعلق بالمعلومات ويتمثل هذا الهدف في الحصول على المعلومات أو تغييرها أو طمسها أو حذفها نهائيا.
ومعظم الجرائم التي هدفها الحصول على المعلومات تكون من الجرائم ذات الطبيعة الاقتصادية بغرض الحصول على مزايا أو مكاسب اقتصادية للكسب المادي أو للتنافس أو الجاسوسية.
ومن الأهداف أيضا، الاستيلاء على الأموال وهنا بصفة خاصة تستهدف جرائم الإنترنت تحديد وتهديد عناصر الذمة المالية ويكون الطمع وراء ارتكابها للحصول والاستيلاء على تلك الأموال وقد ترتكب أحيانا لمجرد اختراق نظام شركة مثلا وتخطي حواجز الحماية أو بدافع الانتقام من صاحب المنشأة أو أحد عناصرها.
ومن الملاحظ أن معظم الجرائم التي ترتكب على شبكة الإنترنت تستهدف أشخاص أو جهات بعينها وغالبا ما تتم تلك الجرائم مباشرة في صورة ابتزاز أو تهديد أو تشهير أو الاتجار بالبشر أو الرق والجرائم المخلة بالأخلاق والجرائم المهددة للأطفال وخصوصيتهم.
وفي حالة أو عندما يكون الهدف المقصود من ارتكاب الجرائم عبر شبكة الإنترنت هو أجهزة الكمبيوتر والبرامج التي تستخدمها ففي الغالب يتم تخريب تلك الأجهزة نهائيا أوعلى الأقل تعطيلها لأطول فترة ممكنة، ومعظم تلك الجرائم تتم بواسطة استخدام الفيروسات.
إن جرائم الإنترنت تعتمد على أساليب ذكية في الإعداد لها وفي ارتكابها ولذا فان متابعة جرائم الإنترنت والكشف عنها وإقامة الدليل ضد مرتكبيها من الصعوبة بمكان لأنها لا تترك آثارا مادية. فليس هناك أموال أو مجوهرات عليها آثار أو جثة الشخص أو دماء أو حريق أو دمار، بل هناك أرقام أو معلومات أو بيانات تتغير وتتبدل وتعدل في السجلات وبذا تتم الجريمة الإلكترونية.