أصدرت الجمعية الدولية للمهندسين الاستشاريين “فيديك”، العديد من الكتب التي تنظم عقود البناء، ومنها نجد الكتاب الأحمر، ويتضمن شروط الفيديك العامة التي يجب توافرها في عقود المباني والأعمال الهندسية حسب التصميمات التي أعدها صاحب العمل. ومن الشروط الالتزامات الخاصة بصاحب العمل والمهندس والمقاول والمتعاقدين من الباطن. الفقرة (20) من شروط الفيديك العامة الخاصة بعقود المباني والأعمال الهندسية المرتبطة بها حسب التصميمات التي أعدها صاحب العمل، تعد من أهم الشروط الخاصة بتنفيذ العقد. ووفق هذه الفقرة، إضافة للعقد المبرم بين الطرفين، فإنه يجوز للمقاول المطالبة بزيادة مدة التنفيذ لأي مرحلة كما يجوز أيضا للمقاول المطالبة بمبالغ إضافية يستحقها نظير التنفيذ. وعلى المقاول تقديم طلباته بخصوص زيادة الفترة أو المبالغ في أسرع وقت للمهندس المتابع للمشروع، وعلى أقصى حد خلال 28 يوما، وفي حالة الفشل في تقديم المطالبة فإنه لا يستحق فترة زمنية إضافية أو دفع مبالغ إضافية، وقانونا لا يعد صاحب العمل مسؤولا. ويجب على المقاول أن يقدم للمهندس كل ما يؤيد مطالباته، وعلى المهندس دراسة المطالبات، ويقرر بشأن زيادة المدة الزمنية أو زيادة الدفعيات.
ولكن قد تحدث خلافات بين المقاول والعاملين معه والمهندس والعاملين معه بشأن طبيعة المطالبات المقدمة وتفاصيلها، وهذا الأمر جائز ويحدث كثيرا، ولكن ما يميز عقود الفيديك الحرص على تسوية أي منازعات في أسرع وقت وبطريقة علمية، وذلك بالنص الصريح باللجوء إلى هيئة تسمى “داب - مجلس تسوية النزاع” عند حدوث الخلافات.
ولبدء إجراءات “داب - مجلس تسوية النزاع” على الطرفين الاتفاق بخصوص تعيين المجلس، هذا مع مراعاة أن يتم تعيين مجلس تسوية النزاع وفق ما ورد في “ملاحق الشروط” حيث يوجد “ملحق خاص” بتسوية المنازعات عبر مجلس معين “داب - مجلس تسوية النزاع” من فرد واحد أو ثلاثة، بحيث يقوم كل طرف بتعيين عضو ويتم الاتفاق فيما بينهما على تعيين الثالث الذي يكون رئيسا للمجلس. هذا ويقوم الأطراف باختيار أعضاء المجلس وفق التفاصيل المذكورة في ملحق شروط العطاء والعقد، ممن لهم دراية كافية، وكذلك يحدد الأطراف كيفية عمل المجلس وكيفية تعيين كل عضو أو بديله عند الضرورة، مع تحديد المستحقات المالية “الأتعاب” نظير الأعمال، على أن يتحمل كل طرف (صاحب العمل والمقاول) نصف القيمة.
هذا وإذا اتفق الأطراف على إحالة النزاع لهذا المجلس فلا يجوز لأي منهما الاتصال مع أعضاء المجلس من دون علم وموافقة الطرف الآخر، ولكن يجوز لأي طرف الكتابة للمجلس بأي مطالبة يراها خاصة بأي من تفاصيل تنفيذ العقد بصورة للطرف الآخر، وهذا يعد مطالبة، ويجب على الطرف الآخر تقديم الرد المناسب لتمكين المجلس من اتخاذ القرار المناسب بعد الدراسة والاطلاع على المستندات وزيارة الموقع وخلافه، ويجب إصدار القرار خلال فترة لا تتجاوز 84 يوما.
ومما يميز عقود الفيديك أن الملحق المشار إليه والمرفق مع الشروط يتضمن كل التفاصيل المتعلقة بـ “داب - مجلس تسوية النزاع” والتزامات أعضاء المجلس ودورهم في تسوية النزاع، وكل هذا لتوفير بديل مناسب ومقبول وسريع لحسم أي نزاع يطرأ. وبهذا فإن عقود الفيديك النموذجية تخطو خطوة واسعة جدا نحو توفير البيئة المناسبة لإنجاز المشروعات وكل الأعمال الإنشائية بصورة تصل للمثالية ومقبولة للأطراف. هذا وإذا لم يوافق أي طرف على قرار “داب - مجلس تسوية النزاع” واعترض، فعلى هذا الطرف وخلال فترة لا تتجاوز 28 يوما من تاريخ استلامه للقرار، إفادة الطرف الآخر بعدم قبوله للقرار واعتراضه. وفي مثل هذه الحالات فإن نظام الفيديك ينص على إمكان قيام أحد الأطراف، أو الأطراف جميعا، باقتراح “تسوية ودية” للنزاع وهذا جائز، وفي حالة لم يتقدم أي طرف بعدم قبوله لقرار “داب - مجلس تسوية النزاع” واعتراضه خلال الفترة المحددة للاعتراض، فإن القرار يعد نهائيا ملزما. وبهذا يكون دور “داب - مجلس تسوية النزاع” مهمًا ومؤثرا في تسوية جميع المنازعات المتعلقة بالبناء والمباني.
ولم تقف شروط الفيديك الخاصة بعقود المباني والأعمال الهندسية وفق التصميمات التي أعدها صاحب العمل (الكتاب الأحمر) عند هذا الحد، بل ذهبت أكثر للميل الإضافي ونصت على أن للأطراف، إذا لم يصبح قرار “داب - مجلس تسوية النزاع” نهائيا ونافدا، وأيضا بعد استنفاد كل وسائل التسوية الودية فيما بينهما، الحق في اللجوء للتحكيم الدولي الذي يقوم بدوره وفق أحكام غرفة التجارة الدولية بباريس، وتتكون هيئة التحكيم من ثلاثة أعضاء من القوائم المسجلة بغرفة التجارة الدولية. ولقد استفاد كثيرون من البدائل المتعددة للتسوية، ولو لا وجود هذه البدائل لتوقفت المشروعات العمرانية والإنشائية. ولذا فإننا ننصح الجميع للاستفادة من عقود الفيديك واستخدامها؛ حتى تتوافر لهم البدائل القانونية المذكورة.