انطلت خدعة بنيامين نتنياهو على جميع الأطراف.. اللبنانيون انتظروا بفارغ الصبر عودة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى المنطقة، وفي الوقت عينه أمل كثيرون أن تتحرك المفاوضات لمشروع هدنة ووقف للنار في غزة يفضي إلى استكانة مؤقتة للحرب وتبادل للأسرى. كل الانتظارات والآمال بددها رئيس الحكومة الإسرائيلية دون تردد. المنطلق الأساسي والحسابات الإسرائيلية، كما حسابات كل الأطراف من إسرائيل إلى إيران ارتسمت تحت سؤال مفاده لماذا نعقد اتفاقا، أو أي اتفاق، مع إدارة أميركية تعد الساعات للمغادرة وإخلاء البيت الأبيض، وليس من المؤكد ما هو مصيرها. بمعنى آخر، الرهان انصب على اتفاقات تهدئة في لبنان وغزة تتيح للمرشحة الديمقراطية كمالا هاريس الوصول.
التقديرات والضغوط، انصبت على وقف وضبط التصعيد في المنطقة ومنع وقوع حرب إقليمية واسعة. حين قررت إسرائيل الرد على إيران، تدخل الأميركيون للجم الجموح والاندفاعة الإسرائيلية خوفا على النفط، وخوفا على الاستقرار العالمي، وبالتالي سعيا لتحييد المفاعلات النووية الإيرانية. الخلفية حماية النفط وأسعاره، لكي لا ينزعج ويتأثر الناخب الأميركي، حين يقرر شراء غالون البنزين كل يوم ولكي يبقي على السعر المعتاد، خوفا من انعكاس ذلك على الاقتراع المقبل لدعم مصلحة الديمقراطيين. قدم الأميركيون ما هو غير متوقع للجم نتنياهو في عملية قصف إيران. وبسحر ساحر سُربت الخطط الإسرائيلية للضربة العسكرية لإيران، والتسريب تم من داخل الإدارة الأميركية الديمقراطية.
وهناك من يقول إن من سرب الوثائق العسكرية من الموظفين تمت ترقيته، لا معاقبته! لأنه في التسريب المشار إليه خدم قضية وطنية أميركية عميقة.
بنيامين نتنياهو أخذ من إدارة بايدن ولم يعطها. كانت الوعود تتركز على هدنة في لبنان، لكن نتنياهو أحبط كل المحاولات للتهدئة، فقبض ثمن الانضباط مع إيران، وأفشل كل الاتفاقات مع لبنان، وصعد شروطه إلى الحد الأقصى.
في المقابل أعلن نتنياهو متشاوفا ومتكبرا.. إنه لا يحدد موعداً لنهاية الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ولبنان، لكنه يضع أهدافاً واضحة للانتصار فيها، حسب قوله. واعتبر أن إسرائيل قادرة على الوصول إلى أي مكان في إيران إذا دعت الحاجة، وأنها تتمتع بحرية غير مسبوقة في العمل بعد غاراتها الجوية الأخيرة على هذا البلد.
وأضاف أن “الهدف الأسمى الذي أعطيته لقوات الدفاع الإسرائيلية وفروع الأمن هو منع إيران من الحصول على سلاح نووي”.
عمليا لن ينجح أي اتفاق في لبنان وغزة، إلا بعد انتهاء الانتخابات الأميركية وتسلم الرئيس الجديد مهماته وانتهاء الاتفاق على إدارته المقبلة.
كاتب وأستاذ جامعي من لبنان