عمليا بدأت إسرائيل مسيرة استعادة مفهوم وحالة الردع التي كانت قد فقدتها مع اندلاع طوفان الأقصى واقتحام غلاف غزة واحتلاله لساعات من قبل حركة حماس قبل سنة من الآن، وقد توافقت هذه الحالة مع مقتل قائد حماس ومخطط عملية طوفان الأقصى يحيى السنوار في غزة. إذ إن مشاهد أهالي وسكان الضاحية الجنوبية لبيروت والقرى اللبنانية الجنوبية والبقاعية المستهدفة بالإنذارات العسكرية بالإخلاء وهم يهرولون ويهرعون متعجلين خارج قراهم من الخوف هربا من القصف الإسرائيلي القادم، ليبدأ مفهوم الردع السابق الذي عاشت عليه إسرائيل بالعودة إلى ما كان عليه.
لكن بداية استعادة هذه الصورة الإسرائيلية لم تتم صدفة، بل سبقتها جهود إسرائيلية ودولية كثيرة أسفرت عن حماية غربية قاطبة وقوية لإسرائيل خلال ارتكابها المجازر المتتالية في غزة من دون أن يتحرك العالم والضمير الغربي قيد أنملة. أعطيت إسرائيل من الغرب عامة إجازة مفتوحة للقتل من دون أدنى سؤال، أو تلميح، فقتلت ودمرت المدارس على رؤوس الطلاب وفجرت المستشفيات والمرضى في أسرتهم، وسحبت أقنية الأمصال من قلوب المرضى، وصادرت الأطراف المقطوعة ورمتها في النفايات، وحولت غرف العمليات الجراحية إلى مكبات للنفايات ولم يعترض لجرائمها أحد، سوى المحكمة الجنائية الدولية التي تحولت مواقفها وقراراتها بفعل الحماية الغربية والأميركية حبرا على ورق غير قابل للاستعمال. هذه الاستعادة لمفهوم الردع والإرعاب لم تتمكن إسرائيل من تحقيقها بمفردها، بل ساعدتها ووقفت معها الولايات المتحدة بكل قواها.
وبمساعدة عملية وتطبيقية من أساطيلها البحرية وحاملات طائراتها التي هرعت إلى البحر المتوسط للوقوف إلى جانبها وحمايتها وشد أزرها.
واسترجاع حالة الردع والإرعاب تحققت حين أعطت أميركا إسرائيل القنابل الخارقة للتحصينات التي كانت قد حجبتها، من أجل اغتيال قادة حزب الله وفي مقدمتهم أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
وكما أن استعادة حال الردع ومفهوم الإرهاب والإرعاب، تمت بعد أن تمكنت إسرائيل من إبادة وقتل عشرات الآلاف من سكان غزة بعد هدمها وجرف آثار منازلها بحماية من أميركا في الأمم المتحدة وفي استنفار أكبر كمية من الأسلحة المضادة للصواريخ.
أعطت أميركا لإسرائيل أحدث طائراتها وصواريخها بل زودتها بأحدث أنظمة الحماية وقبل أن تستخدمها أميركا أهدتها لإسرائيل.
الرسالة الأميركية واضحة، إسرائيل هي نحن ولن نسمح بخسارتها أو إضعافها أو إخافتها فخافوا منها وارتعبوا.
كاتب وأستاذ جامعي من لبنان