العدد 5857
الأحد 27 أكتوبر 2024
banner
مفاوضات على وقع الصواريخ والقنابل
الأحد 27 أكتوبر 2024

ما إن غادر الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين بيروت، بعد اجتماع مع المسؤولين فيها، أي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، حتى تولت الطائرات الإسرائيلية موجة من القصف استهدفت مدينة صور بعد إخلاء سكانها، إضافة إلى قصف أحياء الجناح والغبيري في بيروت، موقعة عشرات الشهداء والجرحى، ومدمرة عشرات المباني السكنية، وهذه المناطق التي تعرضت للقصف معروف في لبنان أنها مناطق نفوذ وانتشار ووجود حركة أمل برئاسة الرئيس نبيه بري. ماذا يعني هذا التطور؟
يعني بكل بساطة أن إسرائيل وبمساعدة الولايات المتحدة بدأت مرحلة من المفاوضات على وقع القنابل والصواريخ والقصف الذي يستهدف المدنيين، والمستهدف هذه المرة مناطق نفوذ وانتشار حركة أمل برئاسة بري. الرسالة واضحة للمفاوض الأول في لبنان: هذه لائحة شروطنا وهذه في المقابل لائحة صواريخنا وقنابلنا، فإذا كنت لينا، ومتجاوبا ومتساهلا وفاهما الرسالة ومطالبنا، يمكن أن نبحث، وإذا تمسكت برفض مطالبنا فإننا على استعداد لاستكمال القصف والضغط العسكري. هذه التطورات ترافقت مع موقف إسرائيلي عسكري مستجد ومتعنت ومستقو، يقول: نحن حققنا ضربات موجعة لحزب الله في القيادة العليا والكوادر المتقدمة، وقادرون على النصر وإنهاء النزاع. في المقابل تدور معارك عنيفة جدا على شريط قرى الحافة الجنوبية الحدودية بين حزب الله والقوات الإسرائيلية، حيث أعلن الحزب بوضوح أن “رايتنا لن تسقط، ومستمرون في المواجهة والقتال وبيننا وبين العدوّ الأيام والميدان، وبيننا وبينكم النصر الموعود إن شاء الله”. 
ما يعني أن إسرائيل تعد نفسها بالنصر، وحزب الله في المقابل يعد نفسه بالنصر والصمود، فيما المفاوضات مستمرة على وقع الصواريخ والقنابل والضغوط الإسرائيلية.
والقصف الإسرائيلي الابتزازي لم يقتصر على مناطق نفوذ حركة أمل، بل استهدف بالتحذير والإرهاب قناة “إن بي إن” التلفزيونية التي يملكها رئيس مجلس النواب، فقد تلقى الكثير من العاملين في المحطة والمسؤولين فيها، رسائل هاتفية تنذرهم بالإخلاء أو القصف.
والسؤال: هل سيخضع المفاوض اللبناني للإرهاب الإسرائيلي ويقبل شروطه، أم ستدمر إسرائيل ما عجزت عنه وتوقفت أمامه سابقا؟
الجواب الأول أرسل فجر الجمعة، باستهداف مكان إقامة الصحافيين في إحدى قرى الجنوب في منطقة حاصبيا، على الرغم من أن المكان يفترض أن يكون محميا وبعيدا عن الاستهداف، ما أسفر عن استشهاد ثلاثة منهم، تماما كما حدث في غزة، ما يعني أن المعركة مفتوحة وإسرائيل لن تتورع أمام أي أمر حتى لو كان بالعرف الإنساني والعالمي محرما.
 

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .