حين قرر الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية ترشيح كامالا هاريس مكان الرئيس جو بايدن، كان رد فعل المرشح الجمهوري دونالد ترامب محملا بالسخرية والاستخفاف من السيدة المنافسة، وأعلن يقول: “إنها لا تمثل أي شيء وهزيمتها ستكون سهلة جدا ولن تشكل أية مشكلة”. مع مرور الأيام الأولى لترشح هاريس بدأت تظهر علامات تقدمها على ترامب ولو بصورة طفيفة. مشكلة ترامب هي العجرفة والتسرع في الكلام وإهانة الآخرين والتصرف الغريب والمستغرب. نتيجة هذا الأسلوب بدأت كمالا هاريس التقدم في مواجهة ترامب.
ترامب الذي كان قد تفوق في استطلاعات الرأي على بايدن ظهر أنه بدأ بالتراجع أمام هاريس. مشكلة ترامب أنه يعادي المرأة نصف المجتمع ويسخر منها ويتهجم على حريتها باستمرار، ومشكلة ترامب الثانية عنصريته ومعاداته الغرباء وأصحاب البشرة الملونة، والدليل موقفه من المهاجرين وتصميمه على طرد قسم منهم، إضافة إلى موقفه من الحدود الشائكة والجدار الحدودي مع المكسيك.. كل هذه العناصر لا تلعب دورا مساعدا لصالح ترامب. هاريس قررت السير في الاتجاه المعاكس لترامب وبدأت جمع المناصرين من حولها. المناظرة الأولى والأخيرة مع منافسته الديمقراطية أظهرت تقدما لمصلحتها بشكل معقول وسط إجماع ظهر بعد المناظرة دل على أنها كانت الفائزة. لكن استفزازية وسطحية ترامب بدأت تنعكس عليه. وقد ظهرت أولى البوادر في المناظرة الأخيرة التي يبدو أنها ستكون الوحيدة، إذ سرعان ما أعلن ترامب بعد دراسة النتائج أنه لن يشارك في مناظرة ثانية مع منافسته. فقد أدرك من سيكون الرابح وفضل الانسحاب من دون ضجة، لكن ترامب حصد نتائج استفزازه للآخرين وأولهم انحياز الفنانة والمطربة تايلور سويفت إلى جانب هاريس. ترامب بدل أن يتقبل المواقف بروح رياضية، فعل العكس وتهجم على تايلور سويفت لأنها أعلنت تأييدها كمالا هاريس، وتوجه إليها بالقول: “ستتحملين المسؤولية”.
ترامب تجاهل أن سويفت قد تحرك عقارب الرأي العام والمؤيدين، حيث يتابعها جيش من المعجبين المخلصين قدره 283 مليونا على منصات التواصل.
هل يدرك ترامب مدى الضرر الذي سيلحق به نتيجة هذه المواقف؟ ومن سيتحمل المسؤولية إذا ما استمر بالسخرية والاستخفاف بالمنافسين. الظاهر أنه يمنح أخصامه فرصا محققة للتقدم والمسؤولية قد يتحملها هو وليس تايلور سويفت التي قد تجرجر وتسحب المؤيدين لها من منصات التواصل الاجتماعي إلى صندوق الاقتراع.
كاتب وأستاذ جامعي من لبنان