تابع معظم سكان العالم بذهول تام وصدمة عميقة مراسم الحفل الافتتاحي لدورة الألعاب الأولمبية في العاصمة الفرنسية باريس، وما تضمنته من مشاهد أقل ما يمكن أن توصف به أنها خارجة عن الأدب واللياقة ومهينة للمشاهد ومخلة بالأخلاق. تضمنت المشاهد كما بات معروفا مشاهد مقززة وقذرة تمجد الشذوذ الجنسي وتسخر وتهين وتستهزئ برموز للدين المسيحي.
مشاهد تضرب بعرض الحائط احترام المتلقي والمشاهد المتلقي حول العالم، والأغلبية العظمى لا توافق ولا تشجع ولا تؤيد هذا التوجه الذي تبناه حفل الافتتاح. اقتحام عنيف وغير أخلاقي على الأسر المشاهدة لهذا الحدث، ووسط بيوتهم، والزج بمشاهد لا تليق بالبالغين الراشدين ولا بأي أحد لديه ذرة من الخلق السوي والفطرة السليمة. كان الغرب يتغنى بأنه المدافع عن الحرية، وهي مسألة كانت دوما لها سقف أخلاقي واضح وصريح ذو مرجعية دينية، لكن منذ حقبة الستينات الميلادية من القرن الماضي تحول المفهوم إلى التحرر liberty، وهو مفهوم بلا أي حد أخلاقي، وبالتالي هي حرية غير مسؤولة ومنفلتة ومدمرة. فرنسا كانت مهد الحرية في الغرب وأول من أطلق شعاراتها، لكن في السنوات الأخيرة بات تحدي الأديان كما حدث مع المسلمين في قضايا الحجاب والرسوم الكاريكاتورية المهينة بحق الرسول صلى الله عليه وسلم، وما حدث مع المسيحيين أخيرا، ويستثنى من ذلك اليهود الذين تحميهم قوانين معاداة السامية الصارمة، وهذا ولد شعورا جديدا قسم المجتمع بين معجب بالحريات وبين مستنكر لها، لأن إهانة الدين والمعتقد مسألة صعب أن يقبل بها الناس. المأزق الذي وقع فيه الغرب هو كيف يمكن الدفاع عن مسائل مدمرة تعصف بالأسرة والأخلاق والفطرة تحت مسمى الحريات هذا، ستكون نتيجته عودة قوية للنهج المحافظ، وهذا بدأ يظهر في بعض الدول في أوروبا.
*كاتب وإعلامي سعودي