في الساعات الأولى لصباح الجمعة الفائت عاش العالم فترة عصيبة جدا، أعطال غير مسبوقة أصابت نظم التشغيل في الحواسيب الإلكترونية حول العالم، مطارات توقفت عن العمل، شركات طيران تلغي حجوزات الآلاف من المسافرين، بنوك تتعطل، قنوات فضائية تلفزيونية تتوقف عن البث، مستشفيات تصاب أنظمة المعلومات فيها بالشلل التام، تسونامي غير مسبوق من الاضطراب والفوضى والعجز التام. ساعات طويلة جدا مرت على العالم وخبراء التقنية الحديثة يحاولون تفسير ما حدث وقت حصوله، وكان التوصيف الأولي للأحداث هو “هجوم سيبراني عدواني مقصود من أطراف معادية للغرب”، إلا أن الأعطال أصابت مطارات الصين وشركات الطيران فيها فاختفت هذه التحليلات بعدها، لتستقر على التفسير الذي اتفق عليه الجميع وهو تحديث سوفت وير في أحد البرامج التي تعمل على أنظمة ميكروسوفت فأصابها العطل الكبير الذي حصل وأدى إلى الارتباك والفوضى والقلق الذي حصل.
وأعطت هذه الحادثة تصورا صحيحا عن هشاشة وضعف منظومة العالم الإلكترونية، وأنها عرضة للشلل والاختراق، وأن العالم مهدد في يوم ما بيوم قيامة إلكتروني تتوقف فيه الحياة إلكترونيا تماما في كل القطاعات، ليؤثر على شركات المياه والكهرباء والإنترنت والصرف الصحي والطيران وسكك الحديد والبنوك والبث الفضائي والمستشفيات والأجهزة الأمنية والموانئ والمطارات وأسواق المال وغيرها من المؤسسات الأساسية الحيوية، ويكون ذلك جراء عمل إرهابي منظم وعميق من قوى معادية، عمل استفاد من كل الهجمات السيبرانية التي حصلت من قبل وتفادى الأخطاء التي كانت ليكون الحادث مثاليا متكاملا خاليا من الأخطاء وبالتالي أكثر تأثيرا وقوة وفعالية محدثا أكبر قدر ممكن من الأذى. سيكون ما حصل بمثابة مكالمة إيقاظ عنيفة لشركات التقنية الحديثة ومن المنتظر والمتوقع أن يحصل صرف كبير جدا على برامج الأمن السيبراني ومكافحة الفيروسات الإلكترونية فتستفيد الشركات المصنعة لتلك الحلول عملا بمقولة مصائب قوم عند قوم فوائد. العالم مهدد وقابل للكسر هذا ما أثبتته حوادث صباح الجمعة الفائت وقد يكون ذلك مفتاح الحرب العالمية الثالثة التي قد تنطلق افتراضيا. نسأل الله السلامة.
كاتب وإعلامي سعودي