العدد 5748
الأربعاء 10 يوليو 2024
banner
التواضع من شيم الكبار
الأربعاء 10 يوليو 2024

قال الإمام الشافعي “التواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللئام، التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة”، موضوع المقال ليس جديدا بالطبع، لكن من المهم التذكير به واستخلاص العبر، وكما يقولون “التكرار يعلم الشطار”، أتمنى من كل قلبي أن تصل رسالتي إلى كل قارئ وإلى كل شخص أنعم الله عليه بالخير والوجاهة والمكانة والمركز الوظيفي أو من رجال الأعمال. وكما هو متبع في مجتمعنا البحريني وكعادة حميدة متوارثة منذ القدم، أي التواصل الاجتماعي والقيام بالواجب في الأفراح والأتراح، كلي أمل أن تستمر هذه العادة الرائعة وأن يلتزم أبناؤنا بها نظرا لأهميتها في لم شمل المجتمع البحريني بجميع أطيافه.
لاشك أن هذه المناسبات تعتبر فرصة ذهبية وثمينة من أجل تعزيز وتقريب الروابط الاجتماعية بين مختلف فئات المجتمع البحريني، لكن ما يؤثر على هذه المناسبات وخصوصا في الأتراح هو عدم احترام المعزين أهل الميت، حيث تتعالى الأصوات والضحك والحديث عن التجارة والسياسة والاقتصاد والرياضة وغيرها، وكل شيء أثناء فترة جلوسهم لتقديم العزاء أو حتى وقت دفن الميت! في المقابل، نجد في الأفراح بعض من يعتبرون أنفسهم من كبار القوم بحكم مركزهم الاجتماعي لا يحترمون طابور المهنئين! وهذا ينطبق أيضا في الأتراح، بالطبع أنا لا أقصد كبار السن وأصحاب الهمم، فمن الطبيعي فتح المجال لهم وتقديمهم، فكم أتمنى أن يقوم هؤلاء بالالتزام بالطابور وذلك ليكونوا عبرة لغيرهم ومثالا يحتذى في التواضع والرقي، وهم بلا شك سيكسبون احتراما مضاعفا من الجميع. أتذكر جيداً أحد المسؤولين الكبار في الدولة أصر على الوقوف في طابور المعزين رغم إصرار البعض عليه، وأتذكر جيداً أنني كتبت مقالا عن هذا الموقف وهذه الشخصية المرموقة في الدولة، ليكون رمزا ومثالا يحتذى به.
إن احترام النظام بلا شك يزيد الإنسان مكانة.. شخصيا كنت مدعوا لحفل زواج وشاهدت كيف أن هناك من المدعوين من لم يحترموا طابور المهنئين! وقد أثاروا حفيظة وامتعاض الجميع من هذا التصرف غير الحضاري أو كما يقولون بالعامية ما عندهم “سنع”.
لابد أن نكون جادين مع أنفسنا وأن نعمل على محو هذه الممارسات الخاطئة من حياتنا لتستفيد منها الأجيال القادمة، فإن قررنا الاستمرار على هذه الأخطاء التي أعتبرها شنيعة لن نتقدم ونرتقي، بل سنورث ذلك إلى أجيالنا القادمة في طبق من ذهب! دعوة صادقة لكل من لديه غيرة وحب واحترام وتقدير لهذا الوطن الغالي بأن يعمل بكل صدق على تغيير هذا السلوك الذي نعيش فيه في مجتمعنا، وهذا التصرف يعتبر نقطة في بحر الكثير من الممارسات الخاطئة في مجتمعنا، وإن تمكنا من تحقيق أبسطها فهي تعتبر نقطة تحول كبيرة في التربية والرقي.
عندما يقولون “لو دامت لغيرك ما وصلت إليك” فتلك حقيقة، وكل شيء في هذه الحياة لا يدوم، لا العمر ولا الجمال ولا الصحة ولا المنصب، فلا يغتر الإنسان بنفسه كثيراً ولا يتفاخر أمام من لا يملك إلا القليل، فمادامت حياة المرء قصيرة يبقى الأثر الطيب والعمل الصالح والأخلاق الحميدة التي ترفع مقامه وشأنه في الحياة وبعد الممات. قال تعالى في سورة القصص: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ). واللبيب بالإشارة يفهم.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .