+A
A-

الصحافي المخضرم الطريفي لـ “البلاد”: تقمصت دور “امرأة” لكتابة تحقيق لم ينشر.. بعنوان “بنت في الطريق”

  • حب‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬أدخلني‭ ‬حقل‭ ‬الصحافة

  • أفضل‭ ‬تحقيق‭ ‬كتبته‭ ‬كان‭ ‬عن‭ ‬بيع‭ ‬الأطفال

  • عدنان‭ ‬الموسوي‭ ‬نموذج‭ ‬للصحافي‭ ‬الميداني

 

قال الصحافي المخضرم محمد حكيم الطريفي إنه أجاد التمثيل لأجل كتابة تحقيقات صحافية، ويمكن عن طريقها معالجة العديد من القضايا مثل التسول، وشروط التوظيف، والتحرش بالنساء، وقضية بيع الأطفال في سريلانكا، إلى جانب التعرف على مشكلات مهنة “التاكسي” حين تقمص دور سائق أجرة. 
وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، قال الطريفي في حوار مع “البلاد” إن واقع الصحافة المحلية بحاجة إلى إعادة المنافسة من بوابة التحقيقات الصحافية، بهدف خلق منافسة.
 وحث طلبة الإعلام والصحافيين الجدد على ضرورة التقيد بالنزاهة والمصداقية والأمانة الصحافية، والنزول إلى الشوارع بالقرب من الناس للاطلاع على همومهم. وفيما يلي نص الحوار:

لماذا اخترت العمل في الصحافة على الرغم من أن تخصصك الأكاديمي في علم النفس؟
ذهبت إلى القاهرة لإكمال دراسة المرحلة الثانوية ودرست في تخصص علم النفس، لان حلم أمي كان أن أصبح طبيبًا، وحرصت على تلبية رغبتها من الناحية الأكاديمية، ولهذا السبب اخترت علم النفس، ولكن حبي إلى اللغة العربية أدخلني حقل الصحافة، وبعد التخرج من الجامعة عملت كمحرر في العام 1970 في مجلة الأسواق العربية، وأول عمل صحافي قمت به هو إجراء حوار مع المندوب الأممي الذي زار البحرين لعمل استفتاء شعبي حول استقلال وعروبة البحرين.


ما أبرز الصحف البحرينية التي عملت فيها صحافيا؟
في البداية كنت أكتب في مجلة صدى الأسبوع باسم مستعار وهو “أبو نضال”، واختياري لهذا الاسم جاء كوني ناصريا من القوميين العرب، وعقيل سوار كان يكتب باسم “بدرية فؤاد”، والمضحك في الأمر لم أسمِّ أحدًا من أبنائي “نضال”.
 وفي شهر أبريل من العام 1976 التحقت للعمل محررا في صحيفة أخبار الخليج مع كادر التأسيس للصحيفة واستمر عملي لحين التقاعد في العام 2003.
 ونظرًا لمحدودية عدد الصحافيين البحرينيين في الصحافة المحلية في منتصف السبعينات، كنت أكتب وأنشر في صحيفتين “أخبار الخليج”، إلى جانب نشر عمودين الأول يحمل اسم “من الدريشة”، والثاني “نسائيات” لمناقشة قضايا المرأة في صحيفة الأضواء الأسبوعية، إضافة إلى نشر تحقيقات صحافية في مجلة “المواقف” عن حاجة القرى البحرينية للخدمات البلدية.


ما أبرز القضايا التي ناقشتها في التحقيقات الصحافية التي كتبتها، وحققت صدى وتفاعلا على المستويين الرسمي والشعبي؟
تقمصت دور سائق أجرة بعد استعارة سيارة تاكسي من أحد الأصدقاء، وقمت بعمل جولات في المنامة لأجل كتابة تحقيق، عبر رصد معاناة أصحاب مركبات الأجرة، وكان أول زبون أجنبي، دفع قيمة مشوار التوصيل (ديناران) وعند النزول تقيأ وطلب إرجاع مبلغ المشوار، أما الزبون الثاني فكان من جنسية خليجية.
وفي تحقيق صحافي آخر ناقشت مسألة شروط التوظيف في البنوك والقطاع الفندقي، وتقمصت فيه شخصية حامل أمتعة وحقائب عند أحد الفنادق لرصد تعامل الزبائن مع موظفي البنوك، كما كتبت تحقيقا بعنوان “في بيتنا فأر” بهدف معالجة انشار الفئران في مجاري المنازل، إضافة إلى مناقشة مشكلة التسول عند المساجد، عبر تقمص شخصية متسول في أحد مساجد المنامة، وتحقيق آخر بعنوان “البحرين في الليل” لتسليط الضوء على حياة السهر في الحانات والمقاهي والتسكع في الطرقات حتى مطلع الفجر.
ومن أفضل التحقيقات التي كتبتها، كان عن قضية بيع الأطفال في سريلانكا، حين ذهبت إلى كولومبو في مهمة عمل رسمية، وذهبت في المساء إلى سوق بيع الأطفال لتسليط الضوء على هذه القضية الإنسانية.
وكتبت أيضًا تحقيقا عن محطة مجاري البديع، وعلى إثر ذلك اتصل بي شخص من ديوان سمو رئيس الوزراء ليؤكد لي أن جلسة مجلس الوزراء ناقشت مشكلة المجاري في البديع، وكان يسأل إن كانت عندي مقترحات لأجل رفعها إلى المسؤولين.
ودعني أقول لكم، أتقنت التمثيل لأجل تقمص شخصيات عدة لمصلحة نجاح كتابة التحقيقات الصحافية.


هل كتبت تحقيقا وحجب عن النشر؟
كتبت تحقيقا بعنوان “بنت في الطريق” ولم أنشره لغاية هذا اليوم، لأسباب صدمتني، وتقمصت دور شخصية فتاة تقف في الطريق، ولابد من الإشارة هنا إلى أن الماكيير عبدالعزيز مندي هو من قام بوضع المساحيق والمكياج لأجل تقمص شخصية المرأة، وبعد الانتهاء مباشرة قمت بإتلاف شريط التصوير الضوئي للمصور جوزيف بالمقص، حتى لا تنتشر لأي فرد صورة قد تتسبب له بفضيحة.


كيف ترى واقع الصحافة المحلية اليوم؟ 
ربما تأثرت الصحافة الورقية في ظل الانتشار الواسع للمنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، الأمر أثر على قوة وتأثير الخبر، ومؤسف حاليًا قلة نشر التحقيقات الصحافية، وتأثير دوائر العلاقات العامة من مختلف الجهات على نشاط الصحافة.
 ونحتاج اليوم إلى صحافيين لديهم قرب من هموم الناس ونبض الشارع، وعدم الاكتفاء بالعمل من المكاتب.
 ومن المهم أيضًا أن يكون للتحقيقات دور في التأثير عبر تقديم المقترحات والحلول والتوصيات لمعالجة الكثير من القضايا، مثل سكن العزاب وفيضانات الأمطار وغيرها الكثير من الهموم والقضايا، لذا أقول إن واقع الصحافة اليوم بحاجة إلى إعادة المنافسة من بوابة التحقيقات.


من أبرز الشخصيات التي حاورتها خلال فترة عملك صحافيا؟
في العام 1970 حين عملت في مجلة الأسواق العربية حاورت العاهل الأردني الملك حسين بن طلال، كما حاورت عددا من الشخصيات منهم الشاعر العراقي مظفر النواب، والفنان الكويتي عبدالحسين عبدالرضا والفنان المصري عمر الشريف، والرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس عندما كان عضوًا في منظمة التحرير الفلسطينية، ومن اللقاءات التي أعتز بها لقاء مع الأمير الراحل سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله، حين قام بزيارة تفقدية إلى شركة “بابكو” بمناسبة ذكرى التأسيس.


عملت في الصحافة لفترة طويلة، ولم تكن قياديا أو مسؤولا في صحيفة، فما الأسباب؟
فضلت العمل محررا صحافيا قريبا من هموم الناس ونبض الشارع، لأني أكره الجلوس في المكاتب، ولم أرغب يومًا في منصب رئاسة قسم، ولكن بعد التقاعد عملت في تأسيس بعض المجلات وكنت رئيسًا لتحرير مجلة السعادة، ومديرًا لتحرير مجلة الغد، إلى جانب عملي مراسلا لصحيفة الحوادث اللبنانية، ولصحف في سنغافورة وسريلانكا، وبعد العام 2010 قررت التقاعد والتوقف عن العمل الصحافي، حتى أتفرغ لاهتماماتي الأخرى.


حدثني عن علاقتك بعميد الصحافيين البحرينيين علي سيار؟
 الفكر القومي العروبي يجمعني إلى حد كبير بعلي سيار، ودعني أقول إنني ناقشت مع علي سيار أكثر من مرة فكرة تأسيس نقابة للصحافيين البحرينيين قبل تأسيس جمعية الصحفيين البحرينية، ولكن فكرة النقابة لم تتبلور ورفضت لاحقًا.


خلال حديثي معك.. دائمًا تردد وتقول “صحافي قريب من نبض الشارع”، في اعتقادك من الصحافيين الذين كانوا قريبين من نبض الشارع؟
في البحرين كوكبة من الصحافيين، والبعض كان لهم دور بارز في نقل هموم الناس إلى الصحافة، في السبعينات والثمانينات والتسعينات، مثل بروين نصر الله، وعقيل سوار، وهادي الدرازي، وعدنان الموسوي الذي يعد نموذجا للصحافي الميداني، حين سافر إلى الكويت وكتب تحقيقا عن الغزو العراقي للكويت ونال جوائز عدة.


على مدى سنوات طويلة صدرت في البحرين صحف عديدة، كيف ترى المنافسة بين الصحف المحلية؟
من بعد العام 2002 ارتفع عدد الصحف اليومية والأسبوعية حتى باتت السوق المحلي والإعلاني لا تستوعب عدد الصحف اليومية، وبعد مرور سنوات قليلة تقلص عدد الصحف شيئًا فشئيًا، والسوق البحرينية تتحمل وجود صحافة في ظل التنافسية الفاعلة بقوة التأثير، ولكن دعني أخبرك بأنني حزنت كثيرًا لخروج صحيفتين من السوق هما “الوقت” و “gulf mirror“.


ما الكلمة الأخيرة التي توجها في ختام الحوار إلى طلبة الإعلام والصحافيين الجدد بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة؟

أحث طلبة الإعلام والصحافيين الجدد على ضرورة الاجتهاد في الحصول على المعلومة، والعمل بنزاهة ومصداقية والأمانة الصحافية، والنزول إلى ميدان الشارع بالقرب من الناس، عبر الذهاب إلى الأسواق الشعبية ومجالس المناطق، للاطلاع على همومهم، وعدم التقاعس والكسل والاعتماد على الاتصالات الهاتفية، عبر العمل المكتبي لأجل الحصول على أخبار من المصادر، وأهمية عمل تحقيقات تنافسية في الصحافة واستطلاعات رأي، لمعرفة ماذا يريد الناس.