العدد 5644
الخميس 28 مارس 2024
banner
هل هذا عادي؟
الخميس 28 مارس 2024

يتوفى شقيقه، وبعد أسبوع واحد فقط يزين منزله بمصابيح شهر رمضان! تسأل مستغرباً وتقول: “شلون؟” يأتي الجواب من الناس “عادي الليتات والزينة مالها علاقة بالحزن”! تتوفى أمها بالعصر وتدفن، وهي تقيم حفل زواج ابنها في الليل، تقول “معقولة!”، ويردون عليك “الحي أبقى من الميت”، “وهذا شباب والحياة توها قدامه وحرام مسكين دفع وعزم في الناس للحفلة”، والمتوفية أليست جدته “اللي شالته وحطته”؟ يقال لك الحزن ليس من الدين والحزن في القلب. يتوفى الأب وتعلن مجالس عزائه “عن بُعد” وتقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي – هذا بعد ما انتهت أزمة كورونا طبعاً - ويقولون لك: “الناس تطورت خلاص، ما له داعي للمجالس!”، وكأني بهم يستخسرون إقامة مجالس العزاء التي ستكلفهم الشاي والقهوة، وهو الذي رباهم ودفع كل ما يملك ليصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم، بل سيرثونه بعد ختام الفاتحة! وأرجع وأسأل وأقول: هل هذا عادي؟ 
هل فقد الناس مشاعرهم؟ أو هل الحزن على القريب أو العزيز أصبح موضة قديمة و”مال أول” ومضيعة للوقت والجهد والمال! يقول زميلي الذي أخذ يشك في نفسه بأنه أصبح كالغريب وسط مجتمع لم يعد يعطي الحزن على فقد الأحبة هيبته، وأنه بات يشعر بأنه شاذ أو معقد، بعد أن وجد كل من حوله يقول له إن كل ما سلف عادي وطبيعي “موت الأخو عادي؟” هل يمر هذا المصاب كأي يوم آخر على الإنسان؟ هل من المقبول مجتمعياً أن يتوفى الأب ولا يقام له مجلس لاستقبال معزيه! هل فعلها أحد قبلنا من آبائنا أو أجدادنا؟ هل هو “السنع اللي تربينا عليه”؟ هل الحزن مختصر لهذه الدرجة، وفقدان الأحبة ورحيلهم أصبح أمراً عادياً بحجة أننا جميعاً سيأتي اليوم الذي سنرحل فيه؟ ليس عادياً يا أخي العزيز، ولست معقداً فكرياً ولا سلوكياً، بل أنت طبيعي وتحمل مشاعر إنسانية فطرية، وتحفظ العشرة، والشواذ هم أولئك الذين لم يعطوا حق أرحامهم وأقربائهم حتى بأقل القليل.. الحُزن عليهم.
ياسمينة: بتنا في زمن الشاذ هو الطبيعي.. والمفروض مرفوض.
* كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .