نشرت إحدى الصحف الخليجية إحصائية مرورية رسمية صادمة ومرعبة عن عدد المخالفات والحوادث المرورية لعام 2023 في إحدى الدول الخليجية، هذه الإحصائية من وجهة نظري تستحق الوقوف عندها ومشاركتها مع القراء الكرام وإيضاح الرسالة التي أود إيصالها. تبين الإحصائية الرسمية الصادرة أن عدد مخالفات تجاوز السرعة بلغت 4 ملايين مخالفة، بينما بلغت مخالفات قطع الإشارة الضوئية الحمراء 853 ألف مخالفة، فيما بلغ عدد الوفيات من حوادث الطرق 296، و370 ألف مخالفة عدم ربط حزام الأمان، و185 ألف مخالفة استخدام الهاتف المحمول! ناهيك عن المخالفات الأخرى البسيطة.
ألا تتفقون معي بأن هذه الإحصائية تعتبر مخيفة، والسؤال الذي يطرح نفسه ما سبب ارتفاع أعداد المخالفات في الدول الخليجية والعربية. الجميع يتفق معي بأن نشر الثقافة والوعي يعتبر ضرورة للنشء، وأن التربية والتعليم والذوق العام والأخلاق والثقافة والدين وغيرها الكثير من الأمور المهمة جدا بالنسبة لنا في حياتنا اليومية تبدأ من المنزل والمدرسة والجامعة، وأجهزة الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي على مدار السنة، والعمل والأصدقاء، ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والمهنية والتعليمية والاجتماعية والصحية والثقافية وغيرها، فالكل شريك في بناء مجتمع واع وراق يحترم جميع القوانين والأنظمة التي وضعت وشرعت للمصلحة العامة ليس في مجال المرور فحسب، بل في جميع مناحي الحياة. في المقابل أجد من الضروري جدا تشديد الإجراءات التأديبية أو فرض عقوبات صارمة على المخالفين وغرامات مالية كبيرة. تمعنوا مرة أخرى عدد المخالفات التي تخص السرعة وقطع الإشارة الحمراء وتصوروا كم من الأرواح البريئة أزهقت في ثوان معدودة! هل قيمة الإنسان رخيصة الثمن؟ لا أعتقد ذلك، وتصوروا أيضا عناء وشقاء عائلة المتوفى وكم يطول هذا العناء جراء هذا الحادث الذي أودى بحياة ابنهم، نتيجة استهتار السائق الذي لم يلتزم بالقانون الذي وضع أصلا من أجل حماية الجميع! تصوروا أن يذهب ضحية هذا الاستهتار أشخاص في عنفوان شبابهم. لا ثم ألف لا، فهذا غير مقبول، وعليه أدعو من هذا المنبر لإطلاق حملة وطنية واسعة تشارك فيها جميع الجهات الحكومية والخاصة والأهلية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ألا تتفقون معي بأن إحصائية المخالفات المرورية تدق ناقوس الخطر في الدول الخليجية والعربية! ما رأيكم؟
ربي احفظ دول الخليج وشعوبها من كل سوء ومكروه.

كاتب وإعلامي بحريني