ميليشيا الحوثي وجدت في مأساة سقوط أكثر من 31 ألف ضحية، والدمار الكامل للبنية التحتية لغزة ومسح البيوت والأبراج والبنايات، فرصة لتكملة أسطوانة طهران الأبدية وهي مقاومة إسرائيل وتحرير فلسطين ونصرة أهلها. كما وجد الحوثيون فرصة ذهبية لتلميع صورتهم أمام المجتمع العربي بعد انكشاف فشلهم الذريع في تحقيق الأمن والتطور والازدهار باليمن، وذلك من خلال ما يحدث في باب المندب من استهداف للسفن التجارية بالمياه الدولية من قبل صواريخهم والطائرات المسيرة، ما أدى إلى تحويل أنظار العالم عما يجري في غزة من قتل وتدمير للإنسان الفلسطيني، فبعد التعاطف الدولي على مستوى الشعوب لنصرة الإنسان الفلسطيني، وليس الفصائل الفلسطينية طبعا، قام الحوثي بتحويل أنظار شعوب العالم من غزة إلى باب المندب، حيث إن استهداف هذه السفن سيؤثر حتما على شعوب العالم من ارتفاع أسعار النفط والغاز والطعام والبضائع التي ستكلف هذه الشعوب مبالغ كبيرة نظرا لارتفاع الأسعار. وبالتالي فإن تسويق مسرحية الحوثي أنه يقوم باستهداف السفن دعما ونصرة لغزة، سيجعل المتعاطفين يدركون أن غزة التي تعاطفوا معها جزء من مشكلة ارتفاع الأسعار التي ستكبدهم مبالغ إضافية.

وعليه فإن تعاطفهم مع غزة سيقل وهو ما حدث فعليا الآن. كما أن مصر المتضرر الأول والأكبر مما يقوم به الحوثي، كون قناة السويس المنفذ الدولي الذي تعبره عشرات السفن يوميا إلى أوروبا وأميركا، عكس ميناء ايلات الذي يخدم فقط إسرائيل ويشكل فقط 30 % من صادرات أو واردات إسرائيل. وخلاصة هذا الفعل الغبي من الحوثي أنه يخدم إسرائيل بالدرجة الأولى ويقلل الاهتمام الدولي بما يجري في غزة، ويحول الأنظار إلى سلامة التجارة الدولية بالبحر الأحمر العربي بالدرجة الأولى والأخيرة.

كاتب سعودي متخصص في الإعلام السياسي