العدد 5608
الأربعاء 21 فبراير 2024
banner
لماذا ينصب الاهتمام على الذكاء الاصطناعي؟
الأربعاء 21 فبراير 2024


أصبح الذكاء الاصطناعي ضرورة حتمية في المستقبل القريب، وجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله - في خطابه الأخير بمناسبة الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان 2023، تفضل وأشار إلى أهمية التطورات العالمية المتسارعة للتقنيات المتقدمة وتطبيقاتها، ومنها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لما توفره من فرص لتحسين الإنتاجية والكفاءة لمجموعة واسعة من القطاعات. ومن هذا المنطلق وإيمانا بأهمية هذا القطاع في المرحلة القادمة في معالجة العديد من التأثيرات والمصادر وفق رؤية عمان 2040، والتي تشكل الأساس لمستقبل سلطنة عمان في العديد من المجالات الحيوية، ما يتطلب التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي والصناعات الأخرى في آن واحد.
وينظر كثيرون إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره موضوعا يتخوف منه، فيما يعتبره آخرون معجزة ومخلصا للعالم لما له من فوائد جمة تخدم الدول في أشياء كثيرة، خصوصا أنه أصبح جزءا رئيسا وعاملا مهما في الاقتصاد العالمي من خلال رفع جودة الصناعات وزيادة الإمكانات وتحسين الإنتاج، وأصبح أحد مكونات أي تطوير في المستقبل. لذا يعد الذكاء الاصطناعي كما أشار جلالة السلطان المعظم في خطابه من المُقومات الوطنية، حيث تتسابق الدول في توطينه وتعليمه لأبنائها لما له من إيجابيات كثيرة مستقبلا في العديد من القِطاعات، ومن هنا فإننا في سلطنة عمان ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام من الدوَل التي استشرفت المستقبل سريعا وسعت إلى استخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي لتحقيق رؤاها الاستراتيجية والمستهدفة في السنوات القادمة. فالكثير من المشكلات المعقدة في بيئات الأعمال المختلفة، الصناعة، الصحة، التجارة، التعليم والزراعة وغيرها، ستعتمد على الذكاء الاصطناعي في الأعمال من خلال توسيع قاعدة الأعمال ورفع التنافسية والإنتاجية والأداء وغيرها التي سيقوم الذكاء الاصطناعي بعملها في حياتنا اليومية.
فدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بحاجة لتكثيف الفعاليات والمؤتمرات وورش العمل لاستشراف المستقبل المأمول من الذكاء الاصطناعي، فهذه الثورة الرقمية والذكية تتطلب العمل من الآن لاكتسابها والاهتمام بها من خلال جهود تعزيز منظومة الابتكار، وإعداد الكوادر والكفاءات بالإضافة إلى تسهيل إجراءات الاستثمار والتأسيس للشركات الأجنبيَّة في هذا المجال وتحفيزها للاستثمار في هذا المجال المهم.
فسلطنة عمان ودولنا الخليجية بحاجة ماسة لفهم دقيق للذكاء الاصطناعي، والتأثيرات المترتبة على ذلك في المستقبل، خصوصا إذا علمنا أن صعود الذكاء الاصطناعي سيكون سيفا ذا حدين، ومع ذلك فإن الثورات التكنولوجية تتطلب مسايرتها وعدم الخوف منها كما تتطلب إعداد المجتمع لهذه الخطوة.
ففي الزراعة يمكن للنظم الذكية التنبؤ بمعرفة أوقات الري والتسميد والتحصيل والتغليف والتقليل من استهلاك الموارد الطبيعية وهكذا، وفي مجال الصناعة يمكن للذكاء تقليل الموارد ومعرفة جاهزية المنتج وتاريخ الانتهاء، وفي مجال الطاقة يمكنه أيضا تحسين أداء الشبكات الكهربائية ورفع كفاءتها وتقليل الطاقة، وفي مجال الرعاية الصحية يستخدم الذكاء الاصطناعي في التشخيص وتحديد الخطط العلاجية ومتابعة حالة المريض وهكذا!.
بالإضافة إلى أهمية الذكاء الاصطناعي وفوائده مستقبلا في رفع الكفاءة والربحية والإنتاجية واستخدامه في إنشاء مخرجات أخرى مثل النصوص والصور والصوت، فإن التوقعات المتسارعة والقدرات الهائلة لهذه التطبيقات يمكن الاعتماد عليها لكشف التهديدات ومجرمي الإنترنت وغيرهم، وهذا ما يتطلب من دولنا الإسراع في دراسة الاستثمار في مثل هذه المجالات الذكية.. والله من وراء القصد.

كاتب ومحلل عماني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .