العدد 5601
الأربعاء 14 فبراير 2024
banner
الصين بلد لا يمكن تجاهله
الأربعاء 14 فبراير 2024


عرفت الثقافة الصينية من قراءتي عنها أولا، لكن زياراتي لها أكسبتني معرفة أكثر، فهذا البلد العملاق في القارة الآسيوية والعالم، يجعلك تحترم تقاليده وثقافاته المتعددة والمختلفة من مقاطعة إلى مقاطعة، وصناعاته التي دخلت كل بيت في العالم. وفي ظل المشكلة الاقتصادية الراهنة التي تمر بها الصين والعالم، فإن بكين تسعى إلى تحفيز الطلب المحلي وتحسين التعافي الاقتصادي تدريجيا، بأسلوبها في التعامل مع الأزمات والآخرين، ومن المأمول أن تتمكن في العام الحالي من توسيع استثماراتها وفق قوانين وأنظمة لزيادة الطلب الداخلي وإيجاد بيئة مواتية للاستهلاك والاستثمار. ومع تعدد سفراتي لها، متنقلا بين جوانزو وبكين وشنغهاي وفوتشو، إلا أنني أجد أن هذا البلد الصناعي العملاق يسابق عقارب الساعة، وكل دقيقة هناك منتج جديد، ولا يمكن اللحاق به صناعيا ولا تجاريا.
ومشروع الحزام وطريق الحرير الذي أطلقته الحكومة الصينية جزء من سياسة النمو والحراك السريع، وفق إجراءات خطط لها بحكمة وواقعية وسيكون العائد منها على كل الدول والشعوب على حد سواء، فهذا البلد أصبح قبلة لكل الدول ومصانعه أصبحت تستحوذ على نسبة عالية من السوق العالمية، وغدا سيكون قبلة للسياحة العالمية، واليوم نرى كيف أصبحت الصين منفردة في التكنولوجيا الحديثة والطاقة المتجددة والمعدات والآلات والأنظمة والاختراعات المتقدمة والسيارات الكهربائية والصناعات المتعددة، والذكاء الاصطناعي وغيره. فمن لا يعرف الصين، عليه زيارتها، فليس كل من سمع كمن رأى، ومن يرى أن الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم متأثرا، فعليه أن يتأكد بأن الصين تسير وفق رؤية لتصحيح المسار العقاري والاستثماري ودعم المؤسسات الصغيرة وإعادة أوضاعها قبل جائحة كورونا من خلال الحاجة إلى التغلب على الصعوبات والتحديات التي مرت بها، إذ إن الاقتصاد الصيني يتمتع بمزايا سوق واسعة تضم 1.4 مليار نسمة وقاعدة صناعية متقدمة، وستتعافى بسهولة. 
سيأتي اليوم الذي نرى فيه الصين قد أزاحت الولايات المتحدة عن عرش اقتصاد العالم رغم ما تعانيه من صعوبات أحيانا بسبب تراجع الصادرات وتآكل ثقة المستثمرين وتباطؤ النمو وأزمة القطاع العقاري وتراجع الاستهلاك وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، ومع ذلك يتوقع أن ينمو الاقتصاد بشكل ملحوظ وفق رؤية الرئيس الصيني "شي جينبينغ" الجديدة.
وفي زيارتي الأخيرة لم أتعرف على الصين من جديد، ولم أتمكن من زيارة مدن جديدة أو مقاطعات، لكنني تعرفت على أخ وصديق، إنه "ابراهيم" العقلية التجارية، والذي نقل لي ثقافة الصين وكيفية التعامل مع الصينيين وقدم لي الصورة الحقيقية لهذا البلد العملاق في كل شيء، فشكرا له على حسن الاستقبال وما قدمه لنا من ترحيب ومعلومات تجعلنا نبهر بهذا البلد العملاق الذي لا ينافسه أحد.
فالصين ستظل بلدا نحتاج له في كل صغيرة وكبيرة، وفي العديد من المجالات، ومقولة صنع في الصين، أصبحت من الماضي، والحقيقة أنها بلد يسعى ليكون رقما صعبا في التجارة والصناعة العالمية، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع سياستها أحيانا، والناقل الوطني العماني مازال بعيدا عن هذا البلد العملاق الذي يتطلب أن يكون له وجود في ثلاث مدن رئيسية، لمكاسبها المتعددة.. فالصين بلد لا يمكن تجاهله.. والله من وراء القصد.

كاتب ومحلل عماني
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .