العدد 5607
الثلاثاء 20 فبراير 2024
banner
النواب والأعباء وإعانات الغلاء!
الثلاثاء 20 فبراير 2024


مجلس النواب ومعه "الشورى" أثلجا صدورنا وهم يبحثون بجدية ملف الإعانات والعلاوات والمساعدات للفئات محدودة الدخل. أثلج صدري أن المجلسين اهتما أخيرًا بهموم الناس، ببدل السكن حتى يحصل المستحق على سكنه، وعلاوة غلاء المعيشة التي لا أعرف حتى الآن إلى أي مرفأ يريدون الوصول بها، ومستوى المعيشة ذلك المصطلح الفضفاض الذي لم يضع له أحد معيارا أو مقياسا أو اشتراطات، ثم دعم اللحوم والسلع الاستراتيجية التي لا يعلم كائن من كان إذا ما كان "البعض" يحاول استئصاله من محفظة الإعانات الشهرية، أم أن "البعض الآخر" يسعى لمضاعفتها نظرًا لارتفاع أسعار كل شيء تقريبًا في هذه الحياة.
كل ذلك مازال محل نظر، وكل ذلك أصبح يبتعد بقارب النجاة عن المنسين، ولا أقول المهمشين، وكل ذلك مازال يغرد في عالم آخر بينما الفئات المعوزة وأهمها وأخطرها من بلغوا سن التقاعد "بلا تقاعد"، ومن لم تتوفر لديهم شروط تقديم طلب في الإسكان وليس لديه سكن يعيش "عالة" وللأسف الشديد على أبنائه، إن لم يكن قد باشر بالفعل البحث عن مأوى في أحد بيوت "العجزة" والمعوزين. هذه الفئة لم تكن موجودة في ذاكرة "المجلسين"، والمطارحات والأطروحات الميمونة من السادة الأعضاء مازالت تفكر داخل الصندوق المرئي للأشياء، لا يحاول أحد التفكير ولو لأمتار قليلة خارج هذا الصندوق الروتيني المرتبك. رغم ذلك فإنهم – أي النواب – قرروا إشباعه بحثًا وتمحيصًا وتفحيصًا لعلهم يصيبوا هذه المرة، ولا يكررون أخطاءهم التي اعتدنا عليها، وتأتي الإعانات شحيحة وغير ملائمة، وغير متوافقة أو متواكبة مع واقع الحياة اليومية. الحلول التقليدية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من التفكير التقليدي، من التفكير المريح الذي لا يعكر مزاج مسؤول، ولا يحرك ساكنًا لآخر، ولا يزعج منام نائب، طالما أن الملف سيظل مفتوحًا على لجان فرعية من لجان فرعية أخرى داخل المجلسين، وطالما أن حالة المعيشة ستظل تؤرق مخادع أصدقائنا "النواب" حتى إشعار آخر، فإن الضرورة تقتضي أن نذكرهم لعل وعسى بالذين تجاوزوا سن الستين ولا يتمتعون بأي تقاعد، أو بتقاعد زهيد جدًا جدًا، أن نذكرهم ببعض الفئات التي وعدوها بسكن تحت أكثر من مسمى وأهمها "إسكان الصحافيين" ولم يتحقق المراد رغم كل ما يُثار وكل ما يُقال عن تخصيص قطعة أرض بـ "هورة سند"، أن نذكرهم بأنه لا يجوز ولا يصح أن يتم الالتفاف على علاوة غلاء المعيشة تحت مسمى جديد "غلاء معيشة موظفي القطاع العام أو الحكومة"، ويلقى بموظفي القطاع الخاص أو الذين لا وظيفة لهم ولا تقاعد في غياهب النسيان.
أن نذكر أصدقاءنا النواب بأن اللف والدوران على حقوق مُنحت لا يجوز دستوريًا، ولا يصح إنسانيًا، وغير مقبول شكلاً ومضمونا، فالحياة أقصر من أن لا نوفر الحاجات الضرورية، والدنيا لا تستحق كل هذه المشقة لكي نضيع وقتنا في مهاترات وحسابات واجتماعات بعيدة كل البعد عن الحاجات الإنسانية والاحتياجات الضرورية للمواطن.
فكروا في الذين ليست لديهم طلبات إسكان ولا يوجد لديهم سكن، والذين ليست لديهم معاشات تقاعدية، فكروا في إمكانية زيادة علاوة غلاء المعيشة لهم، وفكروا في لجم الأسعار وليس في مجاراتها برفد التضخم وليس بمواجهته ورفضه، فكروا بعيدًا عن الضجيج الذي لا ينتج طحينًا، وفي الطحين قبل أن تنتهي صلاحيته ويصبح عصيًا على الاستخدام الآدمي.

كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية