رسالة بالغة القيمة والدلالة والأهمية، تلك التي وجهها أكثر من 250 مليارديرًا ومليونيرًا إلى الزعماء السياسيين المشاركين بمنتدى دافوس الذي عقد مؤخرًا بسويسرا، حيث طالبوا فيها طواعية وبملء إرادتهم، بل وبإصرار منذ عدة سنوات وفي ذات المناسبة الاقتصادية العالمية بفرض ضرائب أعلى على أغنى الناس في المجتمع.
الرسالة تحمل عنوان "فخور بدفع المزيد" بتوقيع من أثرياء معروفين حول العالم معظمهم ورث ثروات طائلة، يعبرون فيها عن اندهاشهم لعدم تلبية طلبهم المتكرر منذ سنوات في فرض ضرائب على ثرواتهم، ويؤكدون أن هذه الضرائب ضرورة لحماية الاقتصاد والمجتمع والمستقبل، إذ يقولون: "نحن مندهشون لأنك فشلت في الإجابة عن سؤال بسيط ظللنا نطرحه منذ 3 سنوات: متى ستفرض ضريبة على الثروات المتطرفة؟ طلبنا بسيط: نطلب منكم فرض ضرائب علينا، نحن الأغنى في المجتمع. وهذا لن يغير مستوى معيشتنا جذريا، ولن يحرم أطفالنا، ولن يضر النمو الاقتصادي لدولنا، لكنها ستحول الثروة الخاصة المتطرفة وغير المنتجة إلى استثمار لمستقبلنا الديمقراطي المشترك".
الرسالة تعبر عن ضمير يقظ ووعي كبير وإحساس عميق بأزمات المجتمعات والرغبة في معالجتها، ومن أهمها، ذلك الخلل الكبير في ميزان المال بفعل تركز ثروات هائلة بأيدي قلة من الأفراد والعائلات، فيطالبون باقتطاع مبالغ أو ضرائب على هذه الثروات (تبدأ بنسبة 2 % سنوياً لأصحاب الملايين وترتفع إلى 5 % سنوياً للمليارديرات) لتكون بمثابة طوق نجاة لقطاعات كبيرة، ومساعدًا للحكومات في إنجاز مشاريع تنموية هائلة دون أن يكون لها أي تأثير مالي سلبي على مدخرات الأثرياء أو على مستوى معيشتهم بعد أن وصلت لمستوى من "التطرف" في الضخامة.
لا يظن البعض أن هؤلاء لديهم خللا ما في التفكير والعقلية أو لا يحبون المال أو يرغبون في التفريط في ثرواتهم، لا، بل هم على علم تام بأن تمام الاستمتاع بهذا المال والثروات يكون في بيئة آمنة ومجتمع مستقر واقتصاد قوي. 

كاتب مصري