العدد 5560
الخميس 04 يناير 2024
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
غياب العقلانية في السياسة الإسرائيلية
الخميس 04 يناير 2024

أغلب داعمي إسرائيل بدأوا يضيقون ذرعا من مستوى تطرف الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي تضم عتاة المتطرفين، بشعاراتهم العنصرية وتصريحاتهم العدوانية، بما يعكس الحالة التي تعيشها إسرائيل في أجواء حرب الإبادة على غزة، مع الرغبة الجامحة في القضاء على الشعب الفلسطيني وتهجيره، لاستعادة الصورة الكامنة في السرديات، وحتى لا نظلم هذه الحكومة المتطرفة، فإن مثل هذه الشعارات كانت دائما مرفوعة، لكن مع مواربات واستعارات تجمّل النزعة الاستئصالية.
لقد سبق أن رفعت تلك الحكومات ذات الشعارات، بل إن اللجنة الرباعية ذاتها، قد عبرت بوضوح عن “ضرورة ربط أية تسوية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بالإقرار بيهودية الدولة الإسرائيلية”، في إصرار يعكس توجها لتبرير الترحيل وطرد السكان الفلسطينيين من أرضهم التي لا يعرفون غيرها، في سبيل الحفاظ على ما يسمى بـ “نقاء الدولة”. إن تعميم هذا الشعار يهدف إلى مواجهة فكرة الدولة العلمانية الموحدة لشعبين، كما يستخدم لإنهاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، واستبعاد الأساس القانوني لهذا الحق. في حين تعتبر إسرائيل اليهود في العالم - بمن فيهم العلمانيون اللادينيون - المادة البشرية الأساسية التي يحق لها الهجرة والاستيطان، لمواجهة ما تسميه بـ “الطوفان الديموغرافي الفلسطيني”.
إن هذا الأساس الصراعي الذي يحول دون تحقيق التسوية السلمية يستند إلى موقف آيديولوجي عنصري، أسماه هرتسل بمواجهة البربرية العربية - الإسلامية، وهو بالضبط ما يردده اليوم عتاة التطرف في حكومة نتنياهو، عند الحديث عن الإرهاب الفلسطيني كشر مطلق، من أجل البقاء في أسر دهاليز الماضي وتجاهل استحقاقات الحاضر والمستقبل.. بالرغم من أن العالم جله يتحدث اليوم عن حركة تحرر وطني مشروعة. إن مؤسسي هذا الفكر ومن سار سيرتهم، من أمثال بن غفير، وسموتريتش وغيرهما، لا يتورعون عن الحديث علانية عن شرعية الإبادة والترحيل والقتل العشوائي للأطفال، وجميع هؤلاء يحولون دولتهم إلى كائن يتجه نحو المستحيل على الصعيدين السياسي والعسكري، وضمن الأفق الحالي يبدو أنها تتجه إلى نوع من الانتحار الذاتي، مع استمرار غياب العقلانية في السياسة، ورفض القبول بمقتضيات السلام.
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية