العدد 5553
الخميس 28 ديسمبر 2023
banner
أبناء “مصلحجية”
الخميس 28 ديسمبر 2023

ما لا يستوعبه ولا يتفهمه بعض المطلقين من الأزواج، أن الانفصال الذي حدث بينهما كزوجين، لا علاقة له بالأبناء الذين لهم الحق في استمرار علاقتهم بمن أنجبوهم إلى هذه الحياة إلى نهاية أعمارهم، دون أن يؤثر عليهم ذاك الانفصال - الذي حدث بين والديهم - لا بينهم كإخوة ولا بينهم وبين أحد الوالدين! فبعض الآباء يلجأون إلى الانتقام بالأبناء، فلا يكفيهم الانفصال ليعيش كل منهما الحياة التي اختارها بعيداً عن الآخر، حارمين أبناءهم من العيش في بيت يضمهم كأسرة واحدة، يرون فيه الأم والأب بشكل دائم، بل يستمرون في النكاية بعد الطلاق ولي اليد تشفياً، عبر جر الأبناء لهم وإبعادهم كلياً عن الطرف الآخر! وللأسف يسعى الطرف الأقوى مادياً إلى إغراء الأبناء بالحياة الأكثر راحة ورفاهية، بشرط أن لا تكون لهم علاقة أو اتصال لا من بعيد ولا من قريب بالزوج الأقل قدرة مالية، ويكون أمهم غالباً أو أبوهم في بعض الأحيان!
المصيبة أن الأبناء وبكل سهولة ورضا، يقبلون بهذا الشرط الذي يركنهم في خانة العاقين بأحد آبائهم! فالمهم عندهم مصلحتهم الشخصية والمكتسبات التي سيحصلون عليها حال الاقتراب من أحد الأبوين والابتعاد عن الآخر “أبي لديه منزل خاص، وراتبه أعلى ولا أستطيع أن أعيش في مستوى مادي أقل”. لا نختلف في ذلك، قد يكون لهذا الأمر جانب من الواقعية، فالطرف الأقوى مادياً سيتمكن من الحفاظ على مستوى العيش الذي اعتاد عليه الأبناء، وعودهم آباؤهم عليه، لكن لا يعني اختيار العيش مع أحد الأبوين عدم التواصل بتاتاً مع أحد الوالدين الأضعف مادياً! لا أزوره، ولا حتى أهاتفه، وكأن الأبناء أمام عقد عمل، ينضمون خلاله إلى الشركة التي ستدفع لهم أكثر!
المشكلة أن الآباء وبهذا التصرف، إنما يربون أبناءهم على العقوق وقطيعة الرحم، والفجور في الخصومة، وأن يكونوا أناسا ماديين، لا يفهمون إلا لغة المال في التعامل، والمؤلم أن يكون أقرب الناس إليهم أمهم أو أبوهم أول من يتضرر.
ياسمينة: اتقوا الله في أبنائكم، ولا تكونوا سبباً لعقوقهم.
* كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية