العدد 5546
الخميس 21 ديسمبر 2023
banner
الثقافة والأدب عندهم.. أخشاب منتفخة بالماء
الخميس 21 ديسمبر 2023

يبدو أننا لن ننتهي من أصحاب الأوهام الضائعة الذين يريدون أن نعيش وحيدين غريبين في هذا العالم من الولادة إلى الموت، فكل نشاط ثقافي هو مخطط جهنمي يندرج ضمن مسلسل الغزو الثقافي، ودائما أصابع الاتهام تتجه إلى الأدباء والفنانين الذين يمثلون مركز الثقل في كل المجتمعات المتحضرة ويلعبون دورا بارز الأهمية في رقي وتقدم البشرية بنتاجهم. في كل المجتمعات للأدباء والفنانين مركز وامتياز لا يضاهيان بالمعنى الشامل للكلمة، بينما نحن لا نزال نتعارك مع أصحاب العقول الضيقة والمتخلفة التي تحارب الخلق الفني وتريدنا أن نجلس ونتمدد على أحد مقاعد الدرجة الثالثة.
لا يريدون الجوانب المضيئة والنهوض بالثقافة بشتى صنوفها وميادينها، بل هم شاطرون في تصدير القلق والانتكاسات والسلبيات، والشعوذة ومسخ العقول وطمسها على اعتبار أنهم أهل الحل والعقد. فيلم سينمائي يتميز بخط درامي بارع وراق وينقل قضية في المجتمع، يعتبرونه تهويلا وتجاوزا ويصرف الناس عن دينهم ويفسد أخلاقهم، فهم الوحيدون الذين يحددون القيمة الجمالية للعمل الفني التي تحدد معايير الذوق والجمال، وجزالة اللفظ والإصابة في الوصف، وغيرهم لا يحق أن ترتفع أصواتهم.
الأدباء والفنانون اجتذبوا وأسروا خيال البشرية، وتفوقوا حتى على الذين وصلوا القمر، وأغرقوا الدنيا بالاكتشافات، ويصفونهم بمشعل النصر، بينما في مجتمعاتنا يعتبرهم أولئك “أصحاب الأوهام الضائعة” الذين نتحدث عنهم، بالأباريق المهشمة والجماعة المضللة التي قد تنتهي إلى العقم والموت، وما أشنع هذا الحال الذي وصلنا إليه بالسرد الواسع وضمير المتكلم، فهم يريدون من الأديب والفنان أن يكون مغمض العينين والساعد، مثل الملصقات الدعائية التي لا قيمة لها. كل عمل أدبي أو فني يعرض على مسرح أو شاشة، هو مثل الوحل وبقعة الماء النتنة، أو أخشاب منتفخة بالماء!.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .