العدد 5539
الخميس 14 ديسمبر 2023
banner
لك بنت ولي بنت!
الخميس 14 ديسمبر 2023

أبشع أنواع المقايضة، هي تلك التي يكون فيها الأبناء هم السلعة، واستخدامهم كورقة ضغط من طرف ضد الآخر ليعطل أو ليتم الانفصال أو الطلاق، بعد لي اليد، وكسر القلب، فيحاول كل زوج منهما أن يجر الأطفال إلى جبهته كجزء من المعركة، والظفر بهم بمثابة فوز، جائزته الحصول على حق الحضانة! نكايةً وانتقامًا بين الأزواج أحيانًا، وحرصًا على الأبناء أحيانًا أخرى.
وكأنه لا يكفي ما مر به الأبناء من عدم استقرار نفسي وأسري، لرؤيتهم كيف أن أمهم وأباهم في عراك مستمر، وسماعهم تقاذفهما الشتائم والسباب والصراخ يوميًا، أو رؤيتهما يتشابكان بالأيدي يضرب أحدهما الآخر - هذا إن لم ينلهم نصيب من ذاك الضرب، أو تدخلهم في فض تلك الاشتباكات - ليتحولوا بعد كل ذلك إلى كرة يتقاذفها الآباء! “تريدين الطلاق؟ هو لك ولكن بشرط، أن تتركي الأطفال معي”، والأسوأ من هذا وذاك، أن يتم تقاسم الأبناء، نصفهم عند الأم والنصف الآخر عند الأب. ليعيشوا الشتات والتشتت النفسي والجسدي بدل المرة مرتين، مرة بعد طلاق أبويهما، ومرة بانفصالهم عن بعضهم البعض كإخوة وأخوات! ماذا يعني أن يطلب الزوج أن يأخذ ابنة من بناته، ويترك الأخرى مع والدتها؟ لماذا تدفع الطفلتان ثمن طلاق أبيهما عن أمهما بفراقهما عن بعضهما البعض؟ بهذا الشرط القاسي غير العقلاني أنت تظلم الطفلتين وتحرمهما من حقهما في العيش كشقيقتين، تتقاسمان طفولتهما وشقاوتهما، فليس أجمل من أن تحيك الأخت مع أختها ذكرياتهما بحلوها ومرها، وما أبشع أن تترك لهما حسرة في القلب تبقى كذكرى - حتى بعد وفاة الوالدين - بأنهما حرمتا من طفولتهما الطبيعية بعد أن عاشت كل منهما في منزل مختلف عن الأخرى! ولا تعلم إن كانتا ستحبان بعضهما البعض مستقبلًا، أم أنهما -وبشكل تراكمي - ستكرهان بعضهما، بعد أن ينتقل الكره الذي في قلب أبويهما إليهما - خصوصًا الآباء الذين يسعون إلى تشويه صورة الطرف الآخر عند الأبناء - فتتسع الفجوة ليس بالجسدين فقط إنما بين القلبين. 
ياسمينة: قراركما بالانفصال لا يعني أن تفصلوا الإخوة عن بعضهم البعض.
* كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية