العدد 5532
الخميس 07 ديسمبر 2023
banner
من للمعاقين ذهنياً؟
الخميس 07 ديسمبر 2023

صدمني دعاؤها، فلم يكن أبداً كدعاء الأمهات لأبنائهن يوماً، فالذي خبرته والذي تعودنا عليه أن تدعو الأمهات أن يطيل الله في أعمار أبنائهن، وأن لا يرين أبداً اليوم الذي يفقدنهن فيه، وأن يكون يومهن قبل يومهم، إلا هذه الأم التي دعت الله أن يكون يوم أبنائها قبل يومها!
لم يكن دعاؤها إلا حباً فيهم! وليس كما قد يتبادر إلى الذهن بأنها ومن حرقة قلبها أو لكرهها إياهم لعقوقهم تريد أن يستلم الله أمانته في حياتها، أبداً، فهي أم لثلاثة أبناء معاقين ذهنياً، ويعانون من تخلف عقلي شديد، هجرها زوجها قبل أكثر من 33 سنة تاركاً لها مسؤولية الأبناء، ولأنها من تقوم برعايتهم، وتعرف تماماً ماذا تعني العناية بثلاثة رجال معاقين ذهنياً فهي تريد كما قالت أن تؤدي مسؤوليتها الكبيرة هذه، إلى أن يستلم الله أمانته، وبعدها يمكن أن تلاقي وجه ربها وهي مرتاحة البال والقلب، حتى إن كان الثمن أن ترى الواحد تلو الآخر يُدفن بالتراب. مسؤولية العناية بالمعاقين عقلياً ليست هينة، وحتى أقرب الأقربين لا يتحملونها، ولا تتحملها إلا الأم، وموتها يعني ضياع وتشتت هذا الابن أو الابنة، والطامة إن كانت ابنة، إذ تكون أكثر عرضة للاستغلال من الذئاب البشرية، وبحاجة إلى عناية شخصية مختلفة. فللأسف اليوم، حتى الإخوة يرفضون تحمل مسؤولية أخيهم أو أختهم المعاقة ذهنياً، فتكون الشوارع ملاذهم من الصباح حتى المساء، يهيمون على وجههم من مكان لآخر، ويتعرضون لشتى أنواع الاستغلال والتنمر. 
مستشفى الطب النفسي يحتضن جزءًا من هذه الفئة من المجتمع، وكذلك المراكز التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، إلا أنها لا تزال غير كافية لاحتضان جميع المعاقين عقلياً، والذين من حقهم كمواطنين أن يكون لهم مأوى دائم يضمن سلامتهم، ويوفر لهم العناية الصحية والطبية اللائقة، فهناك بعض الأسر تعاني من عدم قدرتها على احتواء أبنائها المعاقين ذهنياً، ليس تكبراً ولا رفضاً لتحمل تلك المسؤولية، إنما لأنها فعلاً لا تقوى على هذه المسؤولية الجسيمة. 
ياسمينة: نحن بحاجة إلى زيادة عدد مراكز إيواء المعاقين ذهنياً.
كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية