نبارك لك سيدي حصولك على هذا المؤهل المهني التخصصي وتبوّئك المركز الأول. في الحقيقة نحن العاملين تحت إمرتك الإدارية فخورون بهذا الإنجاز، خاصة وأنت على مشارف السن القانوني للتقاعد كما تقول. فأنت تضرب لنا مثلًا حيًّا بأن التعلم لا يقف عند سن معين. تابع محرر نشرة الموارد البشرية قائلًا: تتشرّف النشرة بهذه المقابلة معكم. هل يمكننا البدء بسرد السيرة الذاتية لكم ليكون هذا درسًا عمليًّا للشباب ولنا جميعًا؟
اعتدل المدير في جلسته وبابتسامة تكاد تعكس شخصيته النرجسية، قال: ربما سمعتم من قبل بعض الزملاء، فأنا كنت دائمًا الأول عليهم في الدراسة الجامعية. بل كنت أنا من يقوم بتلخيص وإعادة شرح للمحاضرات لهم. قاطعه المحرر بلطف وحذر: هذا صحيح سيدي، فقد أكد لنا أحد أعضاء الإدارة التنفيذية هذا عند تعيينك، فأنتم تتمتعون بقدرات عقلية مميزة وهذه هبة من الله تعالى. هذه ليست بمجاملة ولكنها الحقيقة، ونتائج تحصيلك العلمي تشهد بذلك. توقف المحرر للحظات ليترك المجال للمدير أن يكمل:
    تصور أن معظم زملاء الدراسة وصلوا إلى مناصب عالية، فمنهم من أصبح على رأس الهرم في كبريات المؤسسات الاقتصادية، ومنهم من تقلّد مناصب أعلى، ومنهم من أصبح من أنجح رجال الأعمال... أما أنا... مرة أخرى يقاطعه المحرر بحذر قائلًا وبتردد: أما أنت سيدي فأعلى منصب وصلته هو مدير إدارة، فهل من الممكن أن نتعرّف على الأسباب، خاصة وأنت مشهود لك بالتميز في تحصيلك العلمي كما قلنا آنفًا؟ أجاب المدير قائلًا:
إنه الحظ، نعم الحظ ولا شيء غير الحظ. يبدو أن قطار الحظ لا يعرف كيف يصل إليَّ. تداخل المحرر ليقول: اسمح لي سيدي أن أعرض أمامك موقفًا ربما يخبرنا عن أسباب أخرى لمثل هذه الحالات، فقد قام العاملون في إحدى المؤسسات بتوزيع الحلوى احتفاءً بإقالة مديرهم. هل يعني لك هذا الموقف شيئًا سيدي؟ انتهت المقابلة واختفت نشرة الموارد البشرية و... ما رأيك سيدي القارئ في هذا الموقف؟ أقصد هذا المسؤول؟ هل هو فعلًا قطار الحظ الذي خرج عن مساره ولم يصل إليه؟