العدد 5503
الأربعاء 08 نوفمبر 2023
banner
الجهل المؤسس والمقدس
الأربعاء 08 نوفمبر 2023

هناك نوعان من الجهل، الأول “جهل مقدّس” كما أسماه عالم السياسة الفرنسي أوليفييه روا، والآخر “جهل مؤسّس” كما وصفه المفكر الجزائري محمد أركون، وكلاهما جهل بسبب تقديس الأفكار “الدوغمائية” بسبب حالة الجمود الفكري والتعصب المطلق للأفكار والقناعات في بعض المجتمعات.
 يشير الراحل محمد أركون في كتابه “أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟” إلى أن مشكلة تقديس الجهل في المجتمعات مفادها تكرار خطاب الفاعلين الاجتماعيين من دون إخضاع التراث إلى تحليل تاريخي أو مراجعة الأسس الفكرية والإنتاج المعرفي من خلال دراسة نصوص التراث التاريخي والحداثة والنقد والتحليل والتفكيك للخطاب والمناهج القديمة التي تحتاج إلى دراسة علمية ووضوح لعلاج النقص المعرفي من خلال العمل الاستشرافي الذي يوائم العقل والمنطق.
أتفق تمامًا مع ما يطرحه أركون بشأن أهمية تحليل التراث والتاريخ وتتبع المصادر لتحقيق بناء اجتماعي أفضل من خلال دور الفاعلين الاجتماعيين لفهم الحقائق والحد من انتشار الأفكار “الأيديولوجية” التي تفرض على الناس والمجتمعات.
“الجهل المقدس” الذي يقلق النخب والمثقفين، يحتاج إلى مواجهة علمية من بوابة حقول المعرفة عبر خلق مناخ يشجّع على الأبحاث العلمية في العلوم الإنسانية للمجتمعات والاطلاع على علوم “السوسيولوجيا”، لتمكين المعرفة بعيدًا عن خطاب الأيديولوجيا.
أما التربويون في الجامعات، فعليهم دور آخر وهو تلقين الطلبة بما استفادوا منه من علوم وتجارب علمية حول نقد العقل والتراث، ومناقشة المشاريع الفكرية لعمالقة الفكر في الوطن العربي، مثل، محمد عابد الجابري وحسن حنفي وعبدالله العروي وهشام جعيط وصادق جلال العظم ومحمد برادة وعلي حرب ونصر حامد أبوزيد وعبدالله القصيمي وغيرهم الكثير.. وآخرون.
الأطر الاجتماعية التي تفرض على العقل من خلال الضغط تدعو إلى الحاجة لنقد الأفكار ونقد العقل الذي يميل إلى الأيديولوجيا.
رمسة: “نازعت أقدار الحق بالحق للحق”... عبدالقادر الجيلاني.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .