العدد 5480
الإثنين 16 أكتوبر 2023
banner
عبدالله الزايد في تأسيس المطابع والسينما والصحافة في البحرين
الإثنين 16 أكتوبر 2023

عبدالله الزايد هو الشاعر والأديب والصحافي الكبير، ساهم في بداية حياته مع مجموعة من رفاقه في تأسيس النادي الأدبي في العام 1920 بمدينة المحرق، وهو النادي الذي شارك في حفل تكريم أمير الشعراء أحمد شوقي في العام 1927.
نذر حياته لخدمة وطنه البحرين والعمل على رفع اسمها عاليًا، فنفّذ في سني حياته ثلاثة مشاريع غير مسبوقة ترتبط بعضها ببعض وتخدم بعضها بعضًا، مطلقًا اسم البحرين على مشاريعه الثلاثة، الأمر الذي يؤكد حبه واعتزازه وفخره بوطنه. وكان لمشاريعه دورها الكبير والمؤثر في مسيرة تطوير الحياة الثقافية والفنية والصحافية في مملكة البحرين.
بدأ مشروعه الأول بتأسيس مطبعة حديثة متكاملة من جميع النواحي في العام 1936 أطلق عليها اسم (مطبعة البحرين). فقد شهدت البحرين جلب أول مطبعة في العام 1913 اشترك في جلبها علي ميرزا جواهري وأحمد عبدالواحد فلامرزي وكانت مطبعة حجرية، قامت بطبع القرطاسيات التجارية والحكومية والكراسات، وتوقفت عن العمل في العام 1930.
بدأ تاريخ دخول المطابع الحديثة في البحرين على يدي الأستاذ عبدالله الزايد، حيث جلب مطبعته من أوروبا في العام 1936، وأخذ يمهد لنجاح هذه المطبعة فأرسل راشد الجلاهمة إلى بغداد للتدريب على فنون الطباعة والأعمال الإدارية. وبقي الجلاهمة في بغداد سبعة أشهر، ثم عاد ومعه خبير في الطباعة إبراهيم نوح فلسطيني الجنسية، حيث تعاقد معه للعمل كخبير فني للمطبعة. وقام هذا الأخير بتدريب مجموعة من الشباب البحريني.
أعلن عن افتتاح (مطبعة البحرين) في شهر يونيو 1936 وكان لها دورها الكبير في طباعة الدعايات للأفلام التي تعرضها دار السينما التي أسسها في العام 1938، وطبع (جريدة البحرين) التي أصدرها في العام 1939 والتي توقفت في العام 1944. وكان توقف الجريدة بمثابة الضربة القاضية لنشاط المطبعة، إلا أن صبر عبدالله الزايد وعزيمته جعل المطبعة تعمل تحت دفع ذاتي من قبله وفي نطاق ضيق جدًّا حتى وفاته في العام 1945.
تمثل مشروعه الثاني في تأسيس (سينما مرسح البحرين) – المرسح هو المسرح أيضًا - بالاشتراك مع الشيخ علي بن عبدالله بن عيسى آل خليفة، وحسين يتيم، وتم افتتاحها في 29 يونيو 1938 بمدينة المنامة. وكان موقعها في الموقع الحالي نفسه للسينما الحمراء، وأول فيلم افتتحت به السينما هو فيلم (وداد) بطولة أم كلثوم.
تعد (سينما مرسح البحرين) التي أخذ يطلق عليها أيضًا (سينما الوطني) أول دار سينما تفتح في منطقتنا الخليجية، وهي التجربة الأكثر تميزًا ونجاحًا عن التجربة الأولى المتمثلة في جلب السينما الصامتة في العام 1922 من قبل محمود الساعاتي.
نالت سينما (مرسح البحرين) شهرة واسعة بين أبناء دول الخليج العربي. ومما يؤكد تلك الشهرة زيارة صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز آل سعود لها ومشاهدته أحد أفلامها. فقد حضر جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود ومضيفه صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين أثناء زيارة العاهل السعودي البحرين في العام 1939 وشاهدا أحد الأفلام السينمائية وكان ذلك مساء السبت السادس من مايو 1939.
زاد الإقبال على السينما من أبناء البحرين ومن أبناء دول الخليج المجاورة بعد صدور جريدة البحرين في العام 1939 التي كانت تنشر الإعلانات والدعايات المروجة للأفلام التي تعرضها السينما.
وباشتداد أوار الحرب العالمية الثانية تم تسخير السينما وجريدة البحرين للدعاية للحلفاء، وكان ذلك من بين الفرص الفريدة التي ساعدت المواطنين البحرينيين على مشاهدة بعض أحداث الحرب العالمية الثانية من وجهة نظر الحلفاء.
تجسد مشروعه الثالث في إصدار (جريدة البحرين) اعتبارًا من شهر مارس 1939، وحملت ترويستها العبارة التالية: (جريدة يومية سياسية أدبية علمية جامعة تصدر مؤقتاً كل أسبوع)، وبقيت تصدر مرة كل أسبوع حتى توقفها في يونيو 1944، وكانت أول صحيفة أسبوعية تصدر في الخليج.
كان لـ (جريدة البحرين) صداها بين أبناء المجتمع في فترة الأربعينات من القرن المنصرم، نظرًا لكونها الجريدة الوحيدة التي استقى منها الموطنون أخبار الحرب العالمية الثانية والأخبار المحلية والعربية. كما كان لها دورها الفاعل في نشر المواضيع المتعلقة بالأدب والثقافة والرياضة، إضافة إلى نشرها الأنشطة والفعاليات التي تقدمها المدارس والأندية في تلك الفترة. واستمرت في عطائها إلى أن توقفت بإصدارها العدد 276 في 15 يونيو 1944. 
بعد عام واحد على توقفها توفي صاحبها عبدالله الزايد الذي يعد الأب الروحي لتأسيس المطابع والسينما والصحافة في مملكة البحرين، تاركًا أثره الخالد في تبني مشروعات نوعية غير مسبوقة، وهي مشروعات رائدة ستبقى جميعها خالدة في ذاكرة الوطن.
    
باحث ومؤرخ بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية