العدد 5477
الجمعة 13 أكتوبر 2023
banner
أية ديمقراطية نريد؟
الجمعة 13 أكتوبر 2023

تعددت الكتابات والمؤلفات عن الديمقراطية، الديمقراطية التي انتشرت في مشارق الأرض ونمت في مغاربها، وأصبحت مادة للكتابة وبندًا من بنود الفكر السياسي، ومجالًا خصبًا للنقاشات ودائرة من دوائر الأحزاب بتنوعاتها. الديمقراطية التي تتبناها جميع دول العالم إلا أنها تُسَيَّرها وفق ما تريد، وتنفذها بما يُحقق أهدافها السياسية، والكثير من الدول تؤمن بالديمقراطية وتؤطرها بقوانينها ولكنها تخشاها، فمع تنوعها بين الديمقراطية الليبرالية والشعبية، وبين الغربية والشرقية، والاشتراكية والعربية، فالمعنى واحد، ولا خلاف على التسميات، بل بتنفيذ مضمون الديمقراطية وتحقيق أهدافها.
الجميع يتفق على الرغبة في وجود الديمقراطية، وينادي بديمقراطية الحق والفضيلة، الديمقراطية التي لا تبارك الخطأ، والتي يستفيد منها الجميع، والتي تحافظ على سيادة البلد وثرواته، وعلى كرامة الوطن والمواطنين، الديمقراطية التي ترفض الإرهاب والعُنف والطائفية والتعصب الديني، الديمقراطية التي تحقق الفضائل للوطن وتغرس الفضيلة في قلب كل مواطن.
علينا ألا نكون مبهورين ومسحورين بكلمة الديمقراطية، فغالبًا تكون سلاح الأكثرية حتى إن كانوا على خطأ، وسوطًا على الأقلية حتى إن كانوا على حق، فالديمقراطية تعني الحرية وجودة الحياة والتعليم الجيد والصحة والعافية والسكن اللائق والتوظيف المناسب، وحُسن التصرف الذاتي “الديمقراطية مع الذات” بالتعامل مع النفس والآخرين ومع الأسرة والمجتمع، مع الوطن والمواطنين، وفي توفير مناخ بيئي مُستدام صالح للحياة، وبتمكين المرأة في حياتها وتعزيز مقدراتها، وبرعاية الشباب والاهتمام به. فالناس ديمقراطيون في الإنسانية إلا أنهم مختلفون في القدرات التعلمية والذكاء، وهذه من سُنن الحياة والخلقة الإلهية كما في قوله تعالى “وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ”. إن الإيمان بالديمقراطية يقتضي الالتزام بالعمل بمبادئ الديمقراطية، والأخذ بمضامينها الإنسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية بما يتوافق مع التعددية السياسية والعدالة الفكرية والاجتماعية، واحترام الرأي الآخر والتعايش في فضاء التسامح البعيد عن الكراهية والعداء، والبعيد عن الاستبداد بأنواعه.
* كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية