العدد 5430
الأحد 27 أغسطس 2023
banner
قضية خطيرة تمس الشعر والحركة الأدبية في البحرين
الأحد 27 أغسطس 2023

بحكم متابعتي كل ما هو جديد في وسطنا الثقافي، أشعر أن هناك صمتا مطبقا من النقاد حيال ظاهرة خطيرة تحتاج إلى وقفة جادة وسريعة، وهي أن كل طفل لا يزال يحبو نراه يندفع بجسارة ويطلق على نفسه شاعرا، وعنده وجهة نظر خاصة في تعريف الشعر وأبواب العطاء الخاص والتفرد الواحد، وأنه يخطو خطوات واسعة في مسيرة الإبداع الشعري، وبعضهم انجذب إلى الأعماق بلهفة وشراسة وقام بطباعة دواوين شعر أشبه بـ “خربشات” تلميذ في الابتدائية، وأخذ يروج لنفسه على أنه امتداد طبيعي للحركة الشعرية الحديثة ويتميز بالتنوع والطموح.
لم يعد ممكنا إنكار هذه الحقيقة، ومن المهم أن نوضح ضرورة وضع هؤلاء في مكانهم الصحيح وإعطائهم بعدهم الحقيقي، ولا نترك الغموض يزداد والمجال لهم مفتوحا عبر استضافتهم في أمسيات يطلق عليها “أمسيات شعرية”، وهي في حقيقة الأمر عبارة عن نموذج منعزل عن كل مظاهر الشعر القائم على خصائص أساسية تقليدية، ودعامات، لأن الشاعر الحقيقي يكون صادقا في إحساسه وتعبيره وتتكامل فيه كل عناصر الفكر والوجدان والخيال، وعندما تسمع أبياته يحلق بك فوق الحياة، ويبهرك بالنظم العجيب والتدفق الرصين، أما هؤلاء الذين يشبهون الكرة المطاطية الصغيرة فعلاقتهم معدومة مع اللغة وجمالها وترفها وقدرتها على التعبير والإيحاء، ولا يفقهون شيئا في الأوزان والبحور الشعرية، ونستغرب حقيقة احتضانهم في أمسيات وندوات بالكلمة الواسعة الفضفاضة.
الشعر فن يمتد إلى أعمق مشاعر الإنسان، كلمة يجب أن تلفظ بشكل صحيح، وأن توضع في جملة موزونة، وأن يكون السامع والمتلقي مرتاحا إلى صحة اللفظ، وموسيقى الجملة، والشعر صناعة تتطلب اهتماما مبكرا ولا مجال للسخف والجهل والهراء، ومرة ثانية نؤكد أهمية سماع صوت النقاد والتصدي لهذه القضية التي تمس صميم كيان الشعر والحركة الأدبية في البحرين عموما.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .