تعتبر جامعة البحرين من أقوى روافد التطوير والتنمية البشرية في المجتمع، فهي ترعى تعليم عشرات الآلاف من أبناء الوطن الذين يستعدون للمشاركة في تدوير عجلة التنمية والبناء، بعد أن يتسلحوا بالأدوات العلمية والعملية، لذا فإن من المحزن أن نرى هذه التحديات الكبيرة المتولدة من قرار إيقاف خدمة المواصلات من العام الماضي، وكم أحدث ذلك من ضرر على الطلبة وأهاليهم، بل وعلى شبكة الطرق التي تأثرت بشكل واضح، حيث أصيبت بالشلل، وقد نُشرت العديد من المقاطع التي توثق ذلك، كما أن مواقف الجامعة لا يمكن - بأي حال من الأحوال - أن تتسع لهذا الكم الهائل من سيارات الطلبة، ومعظمهم من أصحاب رخص القيادة الجديدة، ما تسبب باختناقات مرورية، وكثير من الحوادث، وتضرر السيارات ومرافق الجامعة، بسبب محدودية القدرة الاستيعابية لمواقف الجامعة، ما من شأنه أن يخلف تبعات مالية كبيرة، سواء على الأسر أو على الجامعة، أو حتى على شركات التأمين التي تغطي الحوادث، ناهيك عن الأضرار النفسية الكبيرة على الطلبة جراء هذا الوضع المختنق، وكم رأينا آثار حزنِ وحسرةِ الطلبة على سياراتهم المتضررة نتيجة صدمها من مجهولين وهروبهم من موقع الحادث، وكم رأينا من فاتتهم المحاضرات بسبب الزحام والفوضى التي تجعل طابور السيارات يتعدى الكيلومترات دون حراك، أضف إلى ذلك المشقة البالغة على أولياء الأمور - وكثير منهم من كبار السن - والذين يضطرون لإيصال أبنائهم صباحا والرجوع لأخذهم مساء، في ظل هذا الوضع المتأزم، ما يولّد موجتين إضافتين لزحام شبكة الطرق.
ونحن اليوم نخاطب القائمين على جامعة البحرين ونقول: نريد حلًا يخفف هذه الآثار التي فاقمها قرار إيقاف خدمة المواصلات التي كانت توفرها الجامعة لعقود ماضية، وذلك بتوليد أفكار جديدة تناسب ثقافة المجتمع، فلا يمكن قبول النقل العام حلا لهذه المشكلة، خصوصًا أن غالبية الطلبة من فئة الإناث، والتي تصل نسبتهم إلى سبعين بالمئة، ويمكن تمويل هذه الحلول بمساهمة الشركات الوطنية الكبرى وشركات التأمين وغيرها، ولن يمانع الطلاب في دفع رسوم رمزية لتغطية المتبقي من تكلفة المواصلات، ونحن هنا نقصد شكلًا خاصا لمواصلات الطلبة وحدهم، وبطاقة استيعابية يمكنها تغطية الآلاف من طلبة جامعة البحرين، ما سيوفر الجهد والوقت، ويحقق التوافق مع خطط التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة، فالجامعة منبع للتطوير والتنمية والإبداع، وعوائدُ ذلك لن تنعكس على الطلبة فحسب، بل على المجتمع كله.
* كاتب بحريني