“مبروك لقد ربحت عشرين ألف دينار”، كانت أول كلمات تلقيتها في مكالمة محاولة النصب والاحتيال الأولى في حياتي، وذلك قبل سنوات، وحينها شعرت بسعادة كبيرة، سرعان ما تبعثرت خلال ثوانٍ، بعد أن اكتشفت من طلبات من بشرني بالجائزة الوهمية أنه يحاول الاحتيال عليّ وسرقة الأموال مني، ومنذ تلك المحاولة وحتى الآن، كم تنوعت طرق وأساليب جماعات النصب والاحتيال، وتطورت بشكل متسارع عبر الرسائل النصية القصيرة، وسرقة هوية “الواتساب” أو اختراق حسابات مواقع التواصل ونحوها، ولكن لا يزال الكثير من الضحايا يسقطون أمام المحتالين بكل سهولة ويسر، وقد نجح هؤلاء المحتالون في توظيف الهندسة الاجتماعية كونها المجال المتاح للحصول على المال عبر إيهام الضحايا بحجج مختلفة، والنتيجة معروفة، فمن يصدقهم ويعطيهم مفاتيح الحسابات ورموز التحقق، فإن أمواله تصبح في خبر كان، تأكد أن جانب القوى والأمان عالٍ جدًا في التطبيقات المستخدمة لدينا، والتي يصعب على المحتالين اختراقها، لكن العملية تكون سهلة مثل شرب الماء متى سلمتهم هويتك ومفتاح رموز التحقق.
مَدُّ المحتالين لا يتوقف أبدًا نظرا للعوائد المالية الضخمة التي يجنونها، فبالرغم من الجهود الكبيرة المبذولة، سواء من جانب الإعلام أو خبراء الأمن الإلكتروني، إلا أن ديناميكية المحتالين العالية تحول دون صدهم من الكثيرين، فهم مستمرون في توليد أفكار وأساليب جديدة لسرقة أموال الناس، ولن تكون التوعية في يوم من الأيام كافية، والمشكلة هنا تكمن في وقوع المزيد من الضحايا كل يوم بسبب ضعفهم وجهلهم الجوانب التقنية، ما يوجب مراجعة أساليب التوعية وطرق كشف هؤلاء المزورين للناس عبر جهود البنوك وتوظيف الذكاء الاصطناعي في تعقب الرسائل النصية على سبيل المثال، والتي تحاول الإيقاع بالضحايا الجدد عبر سحبهم لمواقع ملغومة بغرض الاستيلاء على كلمات المرور والبيانات المصرفية، ومن الخطوات المتقدمة ما أعلنته بعض الدول الخليجية من فرض أنظمة تقنية جديدة خلال الفترة القادمة، تكشف صفة المتصل، من الجهات الرسمية والعدلية والبنوك وشركات الاتصالات بغرض إنهاء تقمص المحتالين هوية هذه الجهات الحساسة، لاسيما بعد تمكن المحتالين من توظيف من يتكلم بلهجتنا الدارجة، وتزويدهم بملابس رسمية، وذلك بعد أن كانت العربية المكسرة هي المتعارف على استخدامها أثناء عمليات النصب سابقا، وقد يكون من المفيد لو تم تطبيق مثل هذه الخطوات وغيرها من الخطوات المبتكرة لدينا لإيقاف مد النصب والاحتيال، والله يحفظ أموالكم منهم.
* كاتب بحريني