العدد 5395
الأحد 23 يوليو 2023
banner
“العام” و“الخاص” وما بينهما
الأحد 23 يوليو 2023

سأظل أؤمن بأن القطاع الخاص يستطيع، وأن الاستثمار في الإنسان منبعه لا ينضب، ولست مضطرا للتأكيد عشرات المرات أن القطاع الذي نجح في توظيف أكثر من 70 % من القوى العاملة في مملكة البحرين يمكنه قيادة عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن ينطلق بها لبر الأمان. 
 لن أعيد استنساخ تجارب الآخرين، فهي واضحة للعيان، ولن أتشدق بالذين سبقونا في مضامير التقدم وأصبحوا على عرش الحداثة من دون منافس بفعل دور القطاع الخاص، لن أطالب المسؤولين بعدالة أكثر في تعيين وتشكيل اللجان المشتركة بين العام والخاص، ولن اتحدث عن فرص ضائعة بالجملة، ونحن نرى بأم أعيننا القطاع الخاص، وهو يتعرض للتهميش في القضايا التي تعنيه، وفي الأنشطة التي يقوم بها. 
 لكنني أحاول في هذه العجالة أن اذكر ليس إلا، فالذكرى تنفع المؤمنين، والتقوى قد تقود المتقين، المسألة ليست لوغاريتما عصيا، ولا معادلة مستحيلة، لكنه المنطق الذي يقود الى طبائع الأشياء، والشيء بالشيء يذكر. 
نحن والحمد لله نمتلك تاريخا عريقا بين شقيقاتنا الخليجيات، تاريخا رياديا كمركز للتجارة العابرة عبر الستين، تاريخا رياديا كمركز مصرفي عالمي ما زال يلعب دورا كبيرا في المساهمة بكل اقتدار على صعيد التوظيف والإضافة للناتج المحلي الإجمالي، وما زال لدينا الاستثمار الخاص في التعليم، حيث أصبحنا نعيش وسط كوكبة من الجامعات الخاصة منذ 22 عاما وحتى الآن، وما زلنا في صناعاتنا الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال نمتلك العديد من الفرص، والعديد من الإمكانات التي تؤهلنا، لكي نكون أعضاء فاعلين في جميع اللجان الوطنية التي تعنى بمختلف الأنشطة الاقتصادية. 
لن أتحدث عن التمثيل الشرفي وغير العادل للقطاع الخاص في العديد من هذه اللجان، ولن أبكي أكثر على اللبن المسكوب، وأنا أقرأ بأم عيني نتائج الدراسات التي تؤكد امتلاك جامعاتنا الوطنية الخاصة والعامة لإمكانيات برامجية هائلة تستطيع أن تلبي طموحات أبنائنا الطلبة في تعليم متقدم ومعاصر، ويحاكي آخر ما توصلت اليه العلوم والفنون والآداب من تقدم ومضاهاة ومواكبة للتكنولوجيا الفائقة وتلك التي يحكي عنها ويتحاكى بها علماؤنا وأكاديميونا. 
العدالة الناجزة في هذه المعادلة التي صعبناها على أنفسنا هي التي نحتاج اليها الآن وأكثر من أي وقت مضى، هي التي ستشجع الاستثمارات الوطنية ورأس المال البحريني في توظيف إمكاناته لتصب في شرايين الاقتصاد الوطني بدلا من أن توضع كودائع مصرفية بعملات أجنبية مهاجرة إلى الخارج، بدلا من أن تكون فاعلة وآمنة في الداخل، حكايات القطاعين العام والخاص وما بينهما لا تنتهي، لكنها تحتاج لمزيد من سبر الأغوار، والتعاطي الجاد فيما هو مفيد، فيما يجمعنا ولا يشتتنا، فيما يضيف إلينا ولا يخصم منا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .