تمنى كثيرون أن يأخذوا أماكن بعض الأبطال على الشاشة طمعًا في أن يكون الواحد منهم - ولو لساعتين فقط - خفيف الدم أو ثريًّا أو محبوبًا أو عاشقًا متميزًا. لم أتمنَّ يومًا ما أن آخذ مكان أحد على الشاشة، لكنني قابلت أصدقاء تمنَّيتهم في حياتي الواقعية، هناك من يظلم دور صديق البطل ويراه ثانويًّا منزوع الدسم، لكنني أرى هذا الدور مشرقًا في أفلام كثيرة للدرجة التي جعلت الممثل الذي يلعبه خالدًا في ذاكرتي، بينما يقع مني كثيرًا البطل الذي كان هذا الممثل صديقًا له، فقد كنت أراني مكانه طوال الوقت، هناك “شلة” صنعتها لنفسي في خيالي، “شلة” أصدقاء لم يظهروا في حياتي إلا على شاشة السينما، مجموعة منتقاة أطلقت عليها اسم “شلة سينما ميامي”.
صلاح جاهين في “اللص والكلاب”، أن يحتضنك صديقك “وأنت لسّه خارج من السجن”، ويحترم غضبك ورغبتك في الانتقام ولا يحاول أن يثنيك عنها كالأصدقاء الكلاسيكيين، فيوفر لك مسدسًا غاليًّا أو كما قال لشكري سرحان “حتة ناشفة بلوازمها”، علي الشريف في “المشبوه”، ميزة أن يكون في حياتك صديق غبي تلقي به إلى التهلكة فلا يعترض، وتستعين به في مهمة شديدة الخطورة فيكون إخلاصه أقوى من غبائه، إخلاص ربما يقوده إلى رصاصة في منتصف الجبهة، عبدالفتاح القصري في “عنتر ولبلب”، أن يرى فيك صديقك قوة لا تراها أنت في نفسك.
شلة “أيامنا الحلوة”، دفء الصداقة الشيء الوحيد الذي يزيد بالقسمة على ثلاثة، فؤاد المهندس في “الشموع السوداء”، أن يتعاطف صديقك بكامل إخلاصه مع إعاقة ما فيك دون أن يشعرك بتعاطفه ودون أن يجرح كرامتك سواء كانت إعاقتك جسدية أو نفسية، مجدي فكري في “هيستريا”، أن ترى صديقك مخلصًا دون أن يقصد ذلك، هو شخص مخلص بطبعه للعالم رغم قسوته، جورج سيدهم في “الشقة من حق الزوجة”، شريك العزوبية الطيب الذي يتولى مهمة إعداد الطعام والتنظيف ثم يترك لك الشقة لتتزوج فيها، هل كانت صدفة أن يكون جورج سيدهم في هذا الفيلم فلاحًا ربته أم ريفية؟ عبدالعزيز مخيون في “الهروب”، عندما تتعارض الصداقة مع الواجب الوظيفي ويظل صديقك حريصًا على الإخلاص للاثنين دون تفريط في أي منهما، يحاول أن يقبض عليك وفي الوقت نفسه يحميك من نفسك ومن آخرين، ورطة لا يعرفها إلا “اثنين صعايدة”، ورطة لا تنتهي إلا بالموت على يد طرف ثالث.
* كاتب مصري