ليست هناك أجوبة مقبولة حول عنصرية رجال الأمن في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية التي تسخر بشدة من المهاجرين من أصول عربية، ولا تعتبرهم جزءا من العالم وبإمكانهم الاستفادة من الحياة في فرنسا كما يستفيد أي مواطن من أصل أوروبي، وحادثة قتل الشاب نائل برصاصة أطلقها شرطي مرور من مسافة قريبة أثناء عملية تدقيق مروري، وما تبعها من أحداث شغب واحتجاجات، تبشر بعهد جديد من العنصرية والأقدام الملتصقة بالأرض بشدة، وصور من الانتقام من العرق العربي، ولا أظن أن عربيا زار فرنسا ولم يتعرض لمضايقات وعدم قبول وتمييز واضح، وأذكر أنه في عام 2006 تمت دعوتي لحضور الدورة العاشرة لمؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية “دورة أحمد شوقي، والفونس لا ماراتين”، وعندما ذهبت للسفارة الفرنسية لاستخراج التأشيرة، شاهدت العجب والتعالي من الموظفة المختصة ومعاملة تشبه المطرقة، حيث كنت مثل المركب الشراعي وهي مثل التمساح الذي يتميز بالدقة في القضم والعض، وقد وثقت ما حصل لي في عمودي “بالزميلة الأيام” آنذاك.
وفي عام 1995 نزلت يوما واحدا “ترانزيت” في باريس قادما من زيارة أخي في الولايات المتحدة الأميركية، ولم أجد أي رجل أمن يرشدني إلى طريق الباصات، والمشكلة تكمن في عدم إجادتي اللغة الفرنسية، والتحدث إليهم باللغة الإنجليزية، وأدركت حينها أنهم يعيشون في حضارة مختلفة ويخضعون لموروث ثقافي خاص قد يكون موجودا في معظم الأقطار الأوروبية.
مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة دعا فرنسا إلى معالجة المسائل العميقة المتعلقة بالعنصرية في إنفاذ القانون، وضع خطا على عبارة “المسائل العميقة” وكأننا في حقل للتسويات وبوادر تحول، في حين أن مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة نفسه يزرع التناقضات ويعجز عن استيعاب الحقائق ولا يستطيع أن يلعب دورا حاسما في إنهاء العنصرية في أوروبا.
الخلاصة.. الثقافة الأوروبية لها طابعها الخاص ومزاجها وروحها، ولا تقبل العبث بدمها وطابعها، وهي تختلف عن ثقافتنا العربية وتقاليدنا وأسلوبنا في التعبير والتعامل.
* كاتب بحريني