العدد 5365
الجمعة 23 يونيو 2023
banner
سر سيدي الأربعين
الجمعة 23 يونيو 2023

في عصور قديمة كان هناك رجل يشكو من أن بوابة البيت الخلفية صارت مرحاضا عموميا، كل من تداهمه نوبة التخلص من الفضلات يلجأ إلى هذا المكان، حاول كثيرا بمختلف الحيل أن يثني المارة عن هذا الفعل لكنه كان يفشل دوما، وعندما استبد بالرجل الملل أشاع أن بوابة البيت الخلفية تفتح على مقام شيخ كبير مدفون في حوش البيت، سألوه عن اسمه فقال “سيدي الأربعين”، الحيلة التي نجحت اكتشفها البعض فصار في كل مكان في القاهرة مقام لسيدي الأربعين، وعندما اكتشف العامة أن سيدي الأربعين مدفون في أكثر من مئة مكان اعتبروها معجزة من معجزات الشيخ.
“الناس غريبة”، وهناك حكاية عن ثري عظيم أفلس تماما، فلم يكن أمامه إلا التسول فاشترى “قلتين”، وكان يقف بهما يروي الناس مقابل قروش قليلة، لكن لم يفته أنه باشا فاشترى قلتين ليمارس جبروته القديم، فكلما هم واحد لأن يشرب من قلة نهره بشدة قائلا “سيب دي.. اشرب من التانية”، كانت فترة غريبة من عمر البلد، فعندما دخل عرابي الحرب ضد الإنجليز أهدوه الناس ثلاثة مدافع، الأول اسمه “السيد البدوي”، والثاني “سيدي ابراهيم الدسوقي”، والثالث “سيدي عبدالعال”، كانت الناس طيبة وقتها، وتعاقب اللص بالتجريس “الجلوس في وضع معاكس فوق الحمار والمرور بالناس على هذا الوضع”، وتعاقب “الحشاش” بخلع الضرس، بالرغم من أنهم كانوا يسمون تاجر المخدرات “تحفجي” كونه يبيع تحفا مزاجية، وفي هذا الزمن فكر أحد الولاة في حيلة يخرس بها إلى الأبد وزيرا ثقيل الدم كثير “الرغي” غير قادر على أن يتوقف عن الكلام، دون أن يبدو الوالي ظالما في عيون الناس، فخير الوزير بين الإعدام أو أن يحضر له – استغفر الله العظيم – شخصا (يقرب لربنا)، وكان الوزير ثقيل الدم بما يكفي لأن يُحضر للوالي رجلا يدعي ذلك، فسأله الوالي كيف تكون تلك القرابة؟ فقال الرجل هناك شقيقتان “ربنا أخذ واحدة وأنا أخذت التانية”، كان الوالي أكثر غلاسة فقال للرجل هذه تعتبر علاقة نسب وليست قرابة، ثم أعدم الاثنين. 
 لا شيء يجعل الرجل مستفزا ثقيل الحضور إلا “الرغي”، وعندما خرج سيدنا يونس من بطن الحوت طال صمته فقيل له ألا تتكلم؟ فقال: “الكلام صيرني في بطن الحوت”.
كاتب مصري

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية