العدد 5352
السبت 10 يونيو 2023
banner
ماذا بعد الأربع والأربعين؟!
السبت 10 يونيو 2023

بعد سبع سنين دبلوماسية عجاف، يعود الدفء إلى المشهد الخليجي بافتتاح سفارة إيران في الرياض، والذي سيقابله أيضاً - بالمثل - افتتاح سفارة المملكة العربية السعودية في طهران، إذ حدثت هذه القطيعة في العام 2016 إثر إعدام السعودية رجل الدين نمر النمر.
هذه القطيعة والتوتر الذي حدث بين البلدين، بل بين الضفتين، ليس وليد ذلك العام، ولا هو نتيجة الإعدام، بل هي موجات تعلو وتهبط، وعلاقات تسخن وتفتر، تتوتر وتنفرج، منذ أمد بعيد، لكن هذا الأمد بدا أوضح منذ قيام الثورة في إيران والإطاحة بنظام الشاه، وما رافق ذلك من حماس الثورات الطبيعي، ونزق الانتصار، ورغبة المتحمسين بأن يروا آثار ثورتهم تحيط بهم ليعيشوا في محيط متشابه الرؤى والأفكار. قابل ذلك توجّس، بل تخوّف من الطرف الغربي للخليج العربي، حيث تلقت الدول العربية على هذه الضفة الدعوات والشعارات الإيرانية بما لا يخفى من ردات فعل، صاحبها التفات أمني كثيف جداً خصوصاً إزاء الحماس الذي أبداه خليجيون تعاطفاً مع ثورة الضفة الشرقية من الإقليم.
بغضّ النظر عن حقيقة أو خيال ما تم الترويج له ما بين الطرفين، من مؤامرات ترمي إلى تغيير أنظمة الحكم هنا وهناك، فإن خلاصة السنوات الأربع والأربعين الماضية تشير إلى أمر في غاية الأهمية، يغفل عنه الجميع أثناء ارتفاع درجات التوتر، ويضيع في غبار التصريحات و”الهبّات” الشعبية من الطرفين لمساندة المواقف الرسمية الآنية، وهو أنّ الطرفين (الدول العربية والدولة الإيرانية وشعوبهما) باقيان ما بقيت الأرض تدور، ولا يملك أيّ منهما ما يمكن أن يفعله ببيته بأن يغادره إن كان جاره جار سوء، وأنّ التنافس السياسي والعقدي والآيديولوجي لن يفعل شيئاً سوى العودة للمربع الأول كل مرّة، بما يعني خسارة فرص جمّة يمكن أن يستفيد منها الجميع لو تم تغليب المصالح الوطنية - بما فيها الاقتصادية في منطقة يزيد النتاج الإجمالي المحلي فيها على 2 تريليون دولار - على المغامرات وتفويت الفرص والدخول كل مرة في أزمة من هذا النوع.
سنرتاح بعض الوقت لهذه الخطوات التي بدأت مع تباشير الربيع بالتقارب السعودي الإيراني الذي يراد له ألا يتم، وإن تم ألا يستمر، لأن هناك مصالح دولية تكمن في التوتر، وهذا ما سيختبر نضجنا واستفادتنا من الدروس.
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية