العدد 5315
الخميس 04 مايو 2023
banner
جدليات هذا المختلف
الخميس 04 مايو 2023

الإبداع كلمة فضفاضة، ليست لها مقاييس واضحة، وتحكمها ردود الأفعال التي ترتهن إلى الأذواق، فهي كسلة الفواكه، مختلفة الألوان والمذاقات، أو أنها ترتهن إلى الأمزجة، أو الرأي الشخصي الذي يتسع ليكون رأيا عاما أو انطباعا واسعا، وهو كما تعلمناه ودرسناه لا يمكن أن يخمن أو أن يتوقع بشكل علمي دقيق إلا في بعض الأحيان، وذلك وفقا لاعتبارات عديدة.
ويعتبر الإلهام من محفزات الإبداع، والذي لا يأتي إلا بغتة وربما يرحل طويلا، والظروف المحيطة المواتية لإرهاصات الإبداع التي قد تجعل من عرف بالإبداع إنسانا عاديا، أو أقل من ذلك، فكم من أغنية لبعض أساطين الغناء العربي علقت في الذاكرة، بينما قد لا تعجب بعض أغانيهم محبيهم، وكم من كتاب لروائي مخضرم لم يكن قريبا من القلب وسلسا كما يعهده منه قراؤه، وكم من عمل لفنان من الفنانين المبدعين قد لا يرغب محبوه بمشاهدته.
ويبدو بأن كسر التابو أهم جدليات هذا المختلف الكامن في بعض النفوس أو بين الكفوف، فما هو مبتكر ويروق إلى الناس ويداعب مشاعرهم وأحاسيسهم هو ما يطلق عليه بالإبداع، لكن بعض النتاجات قد تكون مرهونة بظروف معينة تدفع المبدع – وهو يعرف الأسباب - إلى اليقين بأنها ليست أفضل تجاربه، وبالتالي فإن الإبداع ليس مقرونا بشخص وحسب، إذ يتوهم البعض أنه مقرون به، لأنه وبكل بساطة كسب ثقتهم فاعتبروه منبعا للإبداع، لكن ما لا يفقهه كثيرون هو أن هذا الإبداع الهلامي قد يخمد في عمل أو نتاج معين أو لفترة ما، ومن ثم يعود بما ألفوه من مبدعهم أو ربما لا يعود، والأخير مما يندر، لأن من تجليات الإبداع الإخلاص الذي لا يقترن إلا بكل ما هو جميل ورائع.

كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية