العدد 5274
الجمعة 24 مارس 2023
banner
عزيزتي فايزة أحمد
الجمعة 24 مارس 2023

كنت أجلس في سيارتي أنتظر شخصا ما لا أعرفه قرر أنني ربما لا أحتاج للخروج من “الباركنج” اليوم، فصف سيارته بالعرض و”شد التعشيقة”، أتنقل بين محطات الراديو سمعتك تصفين الجلسة التي يجب أن تكون منتهى طموح قصص الحب (قاعد معاي.. وبنقسم اللقمة ونضحك.. وبنشرب شاي). وقعت في غرام اللقمة التي يقتسمها عاشقان، اكتشفت أنك الوحيدة تقريبا التي أشارت للطعام في سياق قصة الحب، فقد أشار فريد الأطرش في الفترة نفسها تقريبا لفكرة “لقمة صغيورة تشبعنا”، وهو خيال ووعود ناعمة لا تشبه واقعية الجلسة التي حدث فيها العيش والملح، بدليل أنك وحبيبك قررتما حبس اللقمة بـ “الشاي”.
ستكبر قصة حبك وستظهر عائلة تسير على الميثاق نفسه، تجد في الطعام مناسبة للحب، وبالنسبة لي أنا شخصيا الطعام هو العائلة، نصف ما تعلمته صغيرًا تعلمته في جلسة طعام، على الطبلية ذات الطبقة الفورميكا الحمراء، أو على السفرة التي شغل النجار نهاية قوائمها على هيئة مخالب حتى يربط بينها وبين وجه الأسد المنحوت على باب البوفيه، لم يكن هناك فرق، كانت الدروس المستفادة هي الموضوع، العدل، الإيثار، الرضا، المجاملة، الشكر، الاستطعام على مهل، كان كل هذا يحدث بشكل تلقائي، لا تقُل “أنا ما بحبش السبانخ”، لكن قل “السبانخ ما بتحبنيش”، هذا نصيب الغائب يقتطع تمامًا كأنه موجود، تهادوا تحابوا تكبر المحبة بهدية ليست أكثر من جناح دجاجة أو قطعة من كبدها الصغير، لا تغادر قبل أن تمدح من تعب وتشكر من خلق، الحمد لله، مع التأكيد أنه “يستاهل الحمد”.
أتلصص أحيانا في المطاعم على المناضد ذات الشخصين، رجل وامرأة، وألعب لعبة محاولة رسم شكل العلاقة من خلال الطريقة التي يتناول بها العاشقان طعامهما، هل اللقمة هي الهدف؟ أم الاستمتاع ببعضهما في سياق اللقمة؟ تلخص جلستهما طريقة اهتمام كل شخص بالآخر، إلى أي مدى يشعر كل طرف بالراحة والأمان في حضور الطرف الآخر؟ اكتشفت بينما صوتك يهل من الراديو أن مرجعيتي معظم الوقت في تقييم ما يحدث أقرب للأريحية التي تطل من غنوتك، اقتسام اللقمة والضحكة والبحث عن مبرر لإطالة وقت الجلسة بقليل من الشاي. محبتي.
كاتب مصري

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .