العدد 5227
الأحد 05 فبراير 2023
banner
جسر الخير
الأحد 05 فبراير 2023

كانت صدفة، وكانت خيرًا من ألف ميعاد تلك التي جمعتني بالنخب والوجهاء في رحلة لا تُنسى نظمها الصحافي السعودي الصديق جمال الياقوت إلى الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية السبت قبل الماضي.

أما السبب، فلا مناسبة أكثر قداسة من التي تجمع الأصدقاء على المحبة، على الخير من هنا وهناك، وعلى الرحلة الخلابة بين مملكتين وعبر جسر المحبة الذي يربط بحريننا الغالية بالأشقاء والأصدقاء في المنطقة.

هي صدفة وهي خير من ألف ميعاد؛ لأنها أخذتنا على حين غرة نحو مدن الأحلام في الأحساء بالمنطقة الشرقية السعودية، كان الباص الذي يجمعنا وعلى غير العادة يمشي “الهوينا”؛ من أجل أن نستمتع بالخلاب من المناظر، بالبحر عندما يلتقي مع اليابسة، وبالوطن عندما يعانق الوطن الشقيق، بالتلامس الحميمي بين دولتين تربطهما من الوشائج والصلات والتراحم والقربى ما يفوق البروتوكلات وما يتخطى حواجز “الإتيكيت” المصطنعة.

ذهبنا إلى الشقيقة الكبرى ونحن نشعر بأننا عدنا سنوات طويلة إلى الوراء، تجمعنا الصحبة الحلوة، لتعيد إلى الأذهان “أيامنا الحلوة”، وتغلب علينا روح الفكاهة والتجلي، حيث لا يجمعنا سوى الود والصدق والمحبة المنزهة.

كان يوما من عمري، قضيته بكل الفرح والسعادة والأمل في أن كل ما نراه، بل وكل ما عشنا فيه من مهرجان عالمي للتمور في الأحساء، ومن مناطق خلابة كجبل القارَة وغيره الكثير، مما أعاد إلى ذهني تلك الخصال العربية الأصيلة التي تحتفي بالتمور على هيئة مهرجان، وبصناعاتها على شكل معرض كبير، وبالزوار وكأنهم جزء لا يتجزأ من حالة استثنائية لا تتكرر كثيرًا في هذا الزمان.

أثناء الرحلة، وأنا أتجول وسط كرنفال التمور البهيج، تذكرت ما كنا نطلق عليه في البحرين قبل سنوات ليست بالبعيدة بوطن المليون نخلة، عاد إلى ذهني ذلك الحلم الذي يمكن أن يتكرر ولا يقتصر فقط على الشقيقة الكبرى، فجسر الخير من هنا وهناك وبدلًا من أن يكون العبور لمهرجان التمور من البحرين إلى السعودية فقط، أن يكون العبور أيضًا من السعودية إلى البحرين للاستمتاع بمهرجان البحرين - الحلم للتمور لو انتبهنا لثروتنا التي لا تنضب بدلًا من الحرث في البحر والتوغل في اللامعقول باحثين عن ثروات ليست لدينا معها حيلة، ولا سيطرة عليها، ولا طائل مؤكد منها.

وعندما كنا في طريق العودة كانت سعادتي بالغة حين دارت في مخيلتي تلك الإجراءات السلسة على الجسر من الجانبين، وكيف أن موظفي الجوازات يدركون أهمية أن يكون المرور بين الجانبين سهلًا وبسيطًا وفي أسرع وقت ممكن، شعرت بأن الإنسان في بلادنا أصبح بحجم المسؤولية، بل إنه يدرك تمام الإدراك بأنه لم يعد بيننا مكان لمن يعطل مسيرتنا، أو من يحاول أن يغرد خارج السرب، ولكل من يسعى لوقف انسيابية الحركة بين وطن واحد مقسوم على مملكتين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .