العدد 5220
الأحد 29 يناير 2023
banner
التعليم العالي.. في يومه
الأحد 29 يناير 2023

لم يمر اليوم العالمي للتعليم العالي علينا مرور الكرام وكأن شيئًا لم يكن، حيث الأحاديث في كواليس المنظومة التعليمية لم تنقطع، بشأن ذلك اليوم وكيفية الانطلاق منه إلى آفاق أكاديمية جديدة، إلى جدول أعمال لا يخطئ ضالته المنشودة نحو تحديث كل شيء والارتقاء به إلى مستوياته العالمية حيث لا حدود مغلقة أمام السماوات المفتوحة، ولا أسوار عالية تعوق انتقال التكنولوجيا الفارقة.


الأمين العام لمجلس التعليم العالي نائب رئيس مجلس أمنائه الدكتورة الشيخة رنا بنت عيسى بن دعيج آل خليفة كان لها كلمة أكدت فيها أن مملكة البحرين في سبيلها إلى تطوير مخرجات التعليم العالي بما يتواكب مع ضرورات اللحظة ومع حاجات المجتمع.


وهنا يمكنني كمراقب وشريك شأني في ذلك شأن جميع الزملاء في المنظومة أن أؤكد أهمية البحث العلمي بل والتعاون بين جميع الجامعات من أجل إنجاز البحوث المشتركة التي تعالج قضايا مجتمعية ومعضلات اقتصادية وفكرية تؤرق مخادع المجتمع المحيط ولا تبتعد بنا إلى عوالم أخرى قد تختلف مشكلاتها عن مشكلاتنا، وطبيعتها عن طبيعتنا، وحقيقة جذور قضاياها عن حقيقة وجذور قضايانا.


بالتأكيد مجتمعاتنا تعاني من محورية الرؤى التنموية رغم اللهاث خلف 2030، ومحاولة التوفيق بين تلك الرؤية المعتبرة والمتغيرات المتسارعة من حولنا، إضافة إلى ذلك نحن نعاني من فقر حاد في الموارد الطبيعية رغم النفط، وهذا الفقر يتمثل في المنتج الزراعي والمنتج الصناعي القابل للتصدير، وفي العديد من السلع الاستراتيجية التي تلعب فيها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي دورًا كبيرًا في تخلقها وتأكدها وإعادة تدويرها لتصبح صالحة للتعاطي من إنسان هذا العصر وكل عصر.


البحث العلمي في كوريا الجنوبية اكتشف بعبقرية استباقية حلولاً جذرية لمشكلات أكبر الشركات في العالم الآن، منها هونداي عندما تعثرت، وغيرها عندما أصاب منتجاتها الركود بفعل التراجع في استخدام التكنولوجيا الفائقة، هنا كان للجامعات ومراكز بحوثها الجادة الدور الأعظم في إعادة تصويب مسارات هذه الشركات حتى تمكنت من أن تطور منتجاتها، وتعصرن مخرجاتها، وتصبح قادرة على غزو أسواق جديدة بأسعار تنافسية وبتكلفة إنتاج أكثر من تنافسية.


وها نحن اليوم نرى هذه الشركات وهي تنافس التكنولوجيا اليابانية في عقر دارها، وتتفوق على على التكنولوجيا الأوروبية أو الأمريكية في بعض الصناعات.


ليس عيبًا أن نتأخر قليلاً، لكن العيب كل العيب أن نغط في سباتنا العميق، ألا نرى بأن الآخرين بدأوا من أزمات ومشكلات الآخرين، طوروا أنفسهم ولم يلتفتوا خلفهم، تحدوا الصعاب وانتصروا على المشكلات بل أنهم قضوا عليها تقريبًا من خلال العقلية الإنتاجية السائدة وليس عن طريق التفكير الاستهلاكي المقيت.


مشكلتنا أننا في منطقتنا المهمة جدًا من العالم نستهلك مواردنا ونذهب لنستهلك موارد الآخرين، لا نسعى لكي تكون ثقافة الإنتاج هي السائدة، ولا نلتفت ربما لفضيلة البحث عن الممكن بدلاً من الجلوس على الأرائك ننتظر لمن يأتي إلينا بالمصباح السحري كي نفركه ليأتي إلينا المارد الجبار بفكرة جديدة، أو بمشروع على طبق من ذهب.


نحن لابد وأن ننتفض يا أعزائي من حالة السكون التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع، أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، حتى ولو بدأنا من حيث بدأوا سوف نصل بكل تأكيد، سوف نكون في مكان أفضل، وسوف يحترمنا العالم، وتشكرنا الناس وتبارك لنا جهودنا، بل وتصفق لنا لأننا تمكنّا من التفكير خارج معطيات الصندوق المغلق، ولأننا نجحنا في تحويل المشكلات إلى انتصارات، والعراقيل والأزمات إلى منجزات.


ولعلني لا أخطئ إذا قلت إن حلول المشكلة الاقتصادية في أيدينا، وأن الرؤى المرتبكة يمكن إعادة تنظيمها بقليل من التفكير وكثير من الحكمة، ولله وحده الأمر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية