نقترب بخطى متسارعة من فصل دراسي جديد، من نصف عام أكاديمي آخر لتكتمل هذه السنة الدراسية ونحن نمر من أول عنق زجاجة بعد جائحة كورونا.
كان التعليم حضوريًا، لكننا كنا على ثقة من أن التعليم عن بُعد قد جنينا ثماره، ثلاث سنوات من التجريب للأنظمة والمعطيات التكنولوجية التي تعلمناها واكتسبنا مهاراتها خلال المدى المنظور من العمر.
نعم .. لقد اجتزنا الفصل الدراسي الأول حضوريًا ومعدل حضور الطلبة عاد مثلما كان في السابق، لم نفقد ذاكرة الـ “وجهًا لوجه”، وكنا تحت سيطرة الالتزام والانضباط والانصياع لمتطلبات العصر حضوريًا أو غيابيًا أو عن بعُد.
وها نحن اليوم أمام فصل دراسي جديد تدخله الجامعة الأهلية بعد أن حظيت بالاعتراف الاعتمادي الأكاديمي في الشقيقة الكبرى السعودية شأنها في ذلك شأن عدد من جامعاتنا الخاصة، أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من الاعتراف بدول شقيقة أخرى ربما تكون دولة الكويت في طليعتها، هذا الوضع يفرض علينا مسئوليات بحجم الفرح، وإعدادات وتجهيزات بمستوى الأريحية التي توفرت لنا بعد جهد جهيد، تمامًا مثلما يقودنا ذلك إلى التفكير خارج الصندوق باستطلاع آراء الطالب القادم من الدول الشقيقة المجاورة.
ونحمد الله ونشكر فضله أننا في الجامعة الأهلية استبقنا الأحداث، حاولنا في المهد إعداد الترتيبات اللازمة لاستقبال أبنائنا الطلبة من المنطقة، أعددنا لهم البرامج الكفيلة بتغطية حاجاتهم العلمية ومتطلباتهم الأكاديمية، وطموحاتهم التي تقودهم إلى سوق العمل.
في السابق تخرج من جامعتنا المئات، من المملكة العربية السعودية والكويت وغيرهما، تمكن خريجونا من اعتلاء العديد من المناصب الحكومية المهمة والمؤثرة، وأثبتوا أن ما تلقوه من علوم وتقاليد أكاديمية في الجامعة الأهلية كان متوافقًا تمام التوافق مع احتياجات وظائفهم المرموقة، وأثبتت جامعتنا الفتية بأنها تستطيع قراءة الواقع الإقليمي بدقة وإتقان، وأن برامج الماجستير التي استحدثتها الجامعة قبل الاعتراف بالاعتماد الأكاديمي ستكون كفيلة بسد الفجوة بين ما كان مطروحًا من برامج أكاديمية وما هو مطلوب في أسواق العمل بالمنطقة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر استحدثنا برامج الماجستير في المحاسبة الجنائية، وإنترنت الأشياء، وعلوم التغذية، وتكنولوجيا المعلومات، علاوة على أننا وعلى مدار السنوات العشر الماضية تمكنا من تخريج 75 طالبًا وطالبة بشهادات الدكتوراة في العديد من الأنشطة والمجالات والعلوم، تمامًا مثلما تخرج من جامعتنا الآلاف من حملة البكالوريوس والماجستير في برامج الهندسة وتكنولوجية المعلومات والإدارة الهندسية وإدارة الأعمال والمحاسبة والإعلام والعلاقات العامة والعلوم المالية والمصرفية.
هذا الوضع يجعلنا على أعلى درجة من الجاهزية للذهاب إلى أبنائنا الطلبة في المنطقة ونحن على ثقة بأننا سوف نلبي بعون الله رغباته، وأننا بشهادة الشهود يمكننا الوصول به إلى الأهداف التي يسعى إليها، وإلى الأحلام التي تؤرق مخدعه؛ لكي نحققها له، وإلى الوضع المثالي الذي يتطلع إليه طلابنا بقلب ملؤه الإيمان بالعلم، ودوره في ملء الفراغات بأسواق العمل، وإحداث عملية التجديد في العديد من الوظائف التي أصبحنا في أمس الحاجة لها خاصة ما يرتبط منها بالذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات الفائقة، وأرقمة الإحداثيات المتواترة في سماواتنا المكتظة باللاسلكيات، وإشارات الاتصالات، والخوارزميات فائقة الشفافية والتأثير.
ورغم التحديات التي يُقال أنها تزحف نحو عالمنا بخطى متسارعة، ورغم التبشير والتنفير اللذين يسوقهما الخبراء وعلماء الغيبيات إلا أننا مؤمنون بقضاء الله وقدره، تمامًا مثل إيماننا بأنفسنا وقدرتنا الهائلة على اقتناص الفرص أو حتى أرباع الفرص وتحويل التحديات إلى مكتسبات من خلال إقامة المشاريع العملاقة ذات الكثافة البشرية العالية والاستخدامات التكنولوجية الفائقة، وكل عام وأنتم بخير.