العدد 5205
السبت 14 يناير 2023
banner
عندما يتحدث الجلاد عن الرحمة
السبت 14 يناير 2023

لم يحدثنا التاريخ أبدا عن جلادين متمرسين أبدوا الرحمة أمام ضحاياهم، فالجلاد أشبه ما يكون بشيطان عديم الرحمة وآلة لا تعرف غير مهمة قتل الأنفس، ومن هنا فإن رئيس النظام الإيراني إبراهيم رئيسي عندما تعهد في تصريحات نقلها التفزيون الإيراني يوم الثلاثاء الماضي، بأن نظامه لن يرحم المعادين لنظام الملالي، فإن الشعب الإيراني بشكل خاص، والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان في العالم بشكل عام، ينظرون بسخرية بالغة إلى كلامه هذا، لأنه يصدر عن سفاح وجلاد مجزرة صيف عام 1988 الخاصة بتنفيذ أحكام الإعدام بأكثر من 30 ألف سجين سياسي!
سفاح مجزرة صيف 1988، له سمعة بالغة السوء، إذ إن سجل جرائمه وانتهاكاته تسبق مجزرة صيف 1988، فهو ومن خلال تماديه في القسوة والوحشية تجاه ضحاياه أثبت للنظام الإيراني أنه جلاد فريد من نوعه، وأنه لا يتورع عن ارتكاب أفظع الجرائم وأكثرها وحشية بوجه من يقفون بوجه النظام، والمثير للسخرية والتهكم أنه لا يوجد في سجله الأسود أنه كان رحوما في يوم من الأيام تجاه ضحاياه.
عندما قام خامنئي بالإعداد لترشيح هذا السفاح وهندسة الانتخابات الرئاسية في العام 2021، وتنصيبه كرئيس للنظام، فإن الشعب الإيراني كان يعلم مسبقا أن خامنئي ومن خلال تنصيبه لهذا الجلاد إنما أراد أن يكشف مرة أخرى عن المخالب والأنياب الدموية للنظام، وهو بذلك كلف رئيسي بمهمة مشابهة لمهمة مجزرة صيف 1988، وذلك من أجل مواجهة المد الثوري المتعاظم في أوساط الشعب الإيراني برفض النظام والنضال من أجل إسقاطه، لاسيما وأن انتفاضتي أواخر عامي 2017 و2019، أثبتتا مدى كراهية الشعب الإيراني لهذا النظام ورغبته بزواله.
اليوم وبعد أكثر من ثلاثة عقود من مشاركة السفاح رئيسي في ارتكاب مجزرة صيف 1988، فإن تحدثه عن الرحمة هو كلام مثير للتقزز والسخرية البالغة، ذلك أن الرحمة والشفقة تجسد عمق الأخلاق الإنسانية والسماوية، وهي لا تمت بصلة لرئيسي ونظامه حتى يتحدثون بشأنها، خصوصا أن هذا النظام الذي يقوم على مر الأشهر المنصرمة على اندلاع الانتفاضة الشعبية الحالية بوجهه بارتكاب أبشع وأسوأ الجرائم وأفظعها بوجه الشعب الإيراني، ليس جديرا أبدا بأن يتناول أحد مسؤوليه عموما ورئيسي بشكل خاص، موضوع إبداء الرحمة تجاه من يقفون بوجه النظام.
* كاتب متخصص في الشأن الإيراني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .