+A
A-

مسرحية " حدائق الأسرار".." لوحة مضيئة بأبدع الألوان

لفرقة " مسرح أكون" المغربية أسلوب خاص من أساليب العرض المسرحي، تتكامل فيه عناصر التقديم من تمثيل وكما نقول نحن في الخليج " ولا غلطة"، ورقص وموسيقى ومؤثرات صوتية وسينوغرافيا والخ، وتتكون من هذا كله وحدة فنية متناهية الدقة، تنسجم فيها هذه العناصر جميعها، في تآلف وتوافق يثير الخيال ويداعبه، ويطلقه في أوسع آفاق التأثير والانفعال سواء بالتشكيلات الجمالية التي يتكون منها العرض، او بما يشمله العرض من أفكار موضوعية يراد إبلاغها للجمهور.

يقول ستانسلافسكي" آمنت ان الفن لا يمكن ان تقوم له قائمة وسط الفوضى والعبث..فالفن هو نظام وجمال..قائم على التناسب".

يوم أمس وعلى مدى 80 دقيقة بمسرح محمد السادس بالرباط، صفقت طويلا لمسرحية" حدائق الأسرار" للمخرج المغربي المبدع الجميل محمد الحر وفرقته، لأنني اكتشفت طريقة مغايرة في التعامل مع الممثلين، إبهار يجعل المتفرج يسترخي في مقعده ويفكر في الدرس الذي يتلقاه من أحداث المسرحية، وإبراز العواطف والأحاسيس كاملة غير منقوصة ولازائدة عن الحاجة. إبداع جميل من استرسال الانفعال الداخلي وتطوره وتسلسله، وقوة التكوين الداخلي والتعبيرات الخارجية بميزان دقيق قسمه المخرج محمد الحر تقسيما عادلا حسب احتياجات شخصية المسرحية كاشفا عن المعاني وعما في جعبته من الهم الإنساني المشترك والفراغ وتعرجات الحياة .

مسرحية" حدائق الأسرار" لوحة مضيئة بأبدع الألوان، سابحة في ظلام عميق لا حدود له ، وتعبر عن الأحاسيس بجوهر المنولوج الطويل في فصل حياتنا.

أحداث المسرحية ترشد كل واحد فينا إلى الوقوف على حقيقة نفسه ويدرك انه لايجوز لأي شخص أن يلهو بالسعادة ويستخف بها، وان العواطف التي تنشأ أحيانا بين رجل وامرأة ولا تعيش إلا بقدر ما تعيش عبير زهرة جميلة لا تستطيع رغم قوتها أن تملأ حياة امرأة لها قدر من التجارب في الحياة..

أما عن أداء الممثلين هاجر الحامدي وياسين احجام، فكان أشبه بالنار..باللهب، إحساس متيقظ في كل الحالات وقدره عجيبة في تفريغ النفس من الشخصية وملؤها بالشخصية التي تعيش على المسرح.

فشكرا لفرقة " مسرح أكون" من المغرب الشقيق، على هذا العمل المتميز .