العدد 5131
الثلاثاء 01 نوفمبر 2022
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
ومن أين نبدأ؟
الثلاثاء 01 نوفمبر 2022

بالتأكيد سنبدأ من حيث توقف الآخرون، وسنسعى بجملة المساعي التي ترمي للهدف وفق معايير تؤسس نحو عالم فيه المزيد من الفرص والمكاسب للجميع. “من أين نبدأ؟”، إنها جملة افتراضية لكنها تتواءم مع حال بعض الأفراد الذين يرسمون عالمهم الخاص بعيدًا عن الواقع وتداعياته، وينحون متفردين بوضع الخطط واتخاذ القرارات التي تكون في غالبيتها شخصية لا تلامس الواقع والصالح العام من قريب أو بعيد، وهي التي قد تضيع عندها الكثير من الأمور ما لم تكن في الحسبان.. ربما يكون حديثي اليوم في غاية الصراحة والقسوة في نفس الوقت، لأنني تحت تأثير العديد من الممارسات الدخيلة خلال الفترة الحالية، نطالعها من بعيد ونراقب الحدث بحدس مخيف، ونتساءل كثيرًا حول مدى أحقية البعض في أن يصعد بدرجة تركز على الاستحقاق لكي يمحو أثرًا ويخفي ذكرًا، ظنا منهم أنهم يبدأون من جديد، وهنا العجب كل العجب عندما نصل نحن البشر لمرحلة نعتقد خلالها أننا فقط المبدعون والبناة المحترفون، ويأخذنا الحماس لكي نهدم ما هو قائم وموجود، لكي نشيد ما نعتقده الجديد والأحدث، ونعتقد أننا سوف نحول الأرض القاحلة خضرة ونماء نطوعها رغمًا عن شح الإمكانات والموارد، وذلك بخلطة سحرية لا يعرفها سوانا. 
نعم أعزائي، قد يرى البعض أن كل ما ذكر صحيح، باعتبارها وجهة نظر تبنى على الحدث والموقف، في حين أنني أراه غير ذي صحة وصلاحية عندما يتعلق الأمر برغبة الهدم لمجرد إثبات الذات والقدرات ورسم السياسات ووضع الخطط، بعيدًا عن إشراك الكوادر ذات الصلة والأحقية، فالمسألة لدي ليست تحدي وإثبات مواطن الضعف لفئة دون فئة، إنما هي سلسلة من القيم والمبادئ وتاريخ متأصل يستحق الاستمرار والمواصلة. اسمحوا لي أعزائي القراء أن أخاطب هذه الفئة بالتحديد، تلك التي مازالت تراهن على اختراع العجلة وفي يومنا هذا بالتحديد.. لكي يكفوا عن صفصفة الآخرين حتى يكونوا هم في الصف الأول، ويعملوا معًا كي يواصلوا الطريق من حيث توقف الآخرون، ربما تزول معها غيمة الزعزعة في القرارات، وتتوحد الرؤية والهدف وتبدأ حالة التردد منهم ومعهم في الابتعاد عن التفرد والانفراد.
من أين نبدأ؟ ابدأ من حيث توقف الآخرون.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .