العدد 5127
الجمعة 28 أكتوبر 2022
banner
على هامان يا فرعون!
الجمعة 28 أكتوبر 2022

استوقفني خبر نشرته قبل عدة أيام إحدى الصحف المحلية، وتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن شاب صمم عربة جميلة وأنيقة مصنوعة من أجود أنواع الخشب وتستطيع أن تسير 160 كيلومتر في الساعة، وأطلق عليها اسم “فرعون”. وقد شدتني كثيرًا صور العربة التي تضاهي أجمل تصاميم العربات في العالم! وبدون الخوض في تفاصيل الخبر، دعوني أرفع القبعة لهذا الشاب المبدع الذي استطاع أن يصنع هذه العربة على الرغم من إمكانياته المادية المتواضعة والبسيطة، لكنه وبسبب قناعته وإصراره ومن خلال عمله الجاد استطاع أن يحقق ما كان يصبو إليه.
هذه التجارب الناجحة التي يقف وراءها أشخاص بذلوا الغالي والنفيس وسهروا الليالي وأنفقوا أموالا طائلة وجهدًا كبيرًا لإنجاح فكرتهم، وهذه العقول العربية النيرة موجودة. إنهم كثر في معظم دولنا ولابد أن ندعمهم ونشجعهم ونشير إليهم كمواطنين مبدعين، فقد هاجرت آلاف العقول العربية واستقرت في دول أجنبية قدمت لها الدعم.
قبل عدة أسابيع في إحدى الدول الأوروبية التقيت بالصدفة بشخص عربي في أحد المجمعات التجارية، وبادرت بالحديث معه، وهذا شيء طبيعي عندما نلاقي إخوتنا العرب في دول العالم، وقد ذهلت أن الشخصية التي أتحدث معها طبيب استشاري يحمل سبع تخصصات طبية ويعيش منذ 25 سنة في سويسرا. لا شك أن هؤلاء الآن يملكون الجنسية لتلك الدول الأوروبية ولا يفكرون في العودة إلى دولهم بعد هذه السنوات الطوال. مع الأسف الشديد نحن قوم إذا صادفتنا تجارب ناجحة لا نريد لها النجاح، ولا نفرح لها، بل نحاربها لإفشالها، فبدلًا من أن نفرح لأي فرد من العائلة بسبب تفوقه أو نجاحه في دراسته أو عمله، فكأن شيئا لم يكن ولا نحرك ساكنًا، فالغيرة والحسد من الأطباع السيئة التي تغلبنا، ونبخل حتى في إجراء اتصال هاتفي أو حتى كتابة رسالة نصية نبارك أو نهنئ بها فما هو مطلوب هو صفاء النية وحب الخير للغير.
أتذكر موقفًا شخصيًا حصل لي قبل سنوات، فقد قرأت خبرًا عن ترقية أحد زملاء الدراسة في موقع عمله، والذي لم أشاهده منذ تخرجي من الجامعة لأكثر من 25 عاماً، وبادرت بإرسال خطاب “فاكس” في تلك الفترة، وعلى الفور جاءني اتصال منه، وكاد يبكي من شدة فرحته، واشتكى بأن ما أصابه من إحباط وضيق هو أنه لم يتلق أية تهنئة من أفراد عائلته على الرغم علمهم بخبر ترقيته!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .