العدد 5106
الجمعة 07 أكتوبر 2022
banner
الاستعداد لعالم الميتافيرس
الجمعة 07 أكتوبر 2022

ليس من قبيل المبالغة القول إنه لا يمكن أن يكون هناك أي استشراف كامل للمستقبل إلا بدور قوي وفاعل للإعلام، وهذا أمر يلقي على العاملين والمنتسبين له مسؤولية أكبر في رسم معالم هذا المستقبل والتعامل بما يتلاءم مع المتغيرات التي طرأت على الإعلام من حيث السرعة والتكنولوجيا، والتي جعلته عالما متحركا سريعا بلا هوادة ولا يمكن التحكم في سرعته أو إيقافها.
في منتدى الإعلام العربي في دبي، الذي يناقش التوجهات الإعلامية الجديدة ويحظى باهتمام ومتابعة كبيرة وبالغة من قبل المعنيين وصانعي القرار لما له وللإعلام من أهمية محورية، دارت كثير من النقاشات والحوارات بشأن هموم هذه المهنة، إلا أن الموضوع الذي فرض نفسه بقوة وسيكون له الحضور الأقوى في المستقبل هو ما يسمى بعالم الميتافيرس (وهو دمج بين الواقع الافتراضي أو ما يطلق عليه اختصاراً “VR” والواقع المعزز “AR” بشكل يسمح للمستخدمين بالعمل واللعب والتواصل)، فبدلاً من الجلوس أمام جهاز كمبيوتر، ربما كل ما ستحتاج إليه عند الاتصال بالميتافيرس هو نظارة أو جهاز يوضع على الرأس لكي تتمكن من دخول عالم افتراضي يربط بين مختلف أنواع البيئات الرقمية.
التوقعات والمؤشرات تقول إن هذا العالم الافتراضي سيصبح هو المسيطر في السنوات العشر المقبلة، حيث تم استثمار 120 مليار دولار، ويحظى باهتمام بالغ من قبل المستثمرين الأثرياء وشركات التكنولوجيا العملاقة على مستوى العالم ومن بينها شركة ميتا (فيس بوك سابقًا)، وجوجل، ومايكروسوفت، وبوينج، ونايكي وأديداس وتيك توك وغيرها.
قد يقول البعض إن مثل هذه الأمور هي ضرب من الخيال أو تعد من قبيل الترف التكنولوجي الذي لن يستمر، ونذكر هؤلاء أننا لو عدنا إلى ابعام 1996 كان إنشاء، مجرد إنشاء، موقع على الويب من قبيل الترف آنذاك، لكنه تحول مع مرور الوقت وأصبح ضرورة ومن ثم دخلنا عالم المنصات والتطبيقات الإلكترونية.
لذا، من ثم الصعب القول إن عالم الميتافيرس سيكون ترفا وقد ضخت كل هذه الاستثمارات فيه، وما زال يستقطب الكثير من الاستثمارات والشركات العالمية الضخمة لتكون موجودة فيه.
إزاء كل ذلك، أعتقد أننا بحاجة إلى عصف فكري واستشرافي إعلامي على الأقل على المستوى المحلي لنضع رؤية قابلة للتنفيذ وليس لمجرد النقاش لهذه العوالم المتغيرة والمتفرعة في هذا العالم الافتراضي وأن نكون مواكبين للتغير ونخلق جيلا مستعدا ومغايرا في الإعلام يستطيع أن يساهم في هذا العالم الافتراضي.
أتمنى أن تكون السنوات الخمس المقبلة حاسمة في هذا الموضوع من ناحية الاستعداد التقني والبشري وعلى كل الأصعدة، وأن تكون الماكينة الإعلامية المحلية جزءًا في عالم الميتافيرس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية