العدد 5097
الأربعاء 28 سبتمبر 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
صناعة الأوثان
الأربعاء 28 سبتمبر 2022

عبر التاريخ ومنذ طوفان نوح وانتهاء بآخر يوم للخليقة، كانت مختلف الفلسفات والآيديولوجيات والأديان والثقافات والحضارات، تستخدم أيقونات وشعارات وثماثيل ثقافية كانت أم دينية أم ثقافية واقتصادية وسياسية للتعبير رمزيا عن هوية هذه الفلسفة أو الآيديولوجيا، ومع مرور القرون، أصبحت هذه الأيقونات والشعارات والتماثيل حقيقة وواقعا مؤرخا تاريخيا، وفي عالم السياسة تم استخدام هذا المفهوم في تحقيق مصالح وأهداف الدول الكبرى وبشكل أكثر توضيحا الدول الغربية، خصوصا دول الأنجلوسكسونية الجديدة أميركا وبريطانيا.
لكن هذا المفهوم تم تطويره وتكييفه ليلائم الفلسفة السياسية لهذه البلدان من خلال صناعة أشخاص لا قيمة لهم ورفعهم لمرتبة القديسين السياسيين والإعلاميين والحقوقيين، ليكونوا رموزا ويتم استخدامهم لتحقيق مصالح الدول العظمى، حتى إن كان هؤلاء الأشخاص أمواتا أو قابعين بالسجون، بل وحتى من دون الاتفاق معهم ودون علمهم، ولعل استخدام قضية مقتل الصحافي السعودي خاشقجي دليلا واضحا على كيفية استغلال الدول الكبرى الأشخاص لمصالحها السياسية، وقد رأينا الحملات السياسية والإعلامية للدول الكبرى وحملات وبيانات منظمات حقوق الإنسان لاستغلال مقتل خاشقجي، فقد جعلوه ورفعوه فوق مستوى العرب جميعا، ووصفوه بأوصاف لا تطلق إلا على من خلدهم التاريخ، وتباكوا بدموع التماسيح ونظموا المظاهرات له.. وتركت منظمات حقوق الإنسان كل القتلى الأبرياء وتحالفت كلها ووقفت ضد الرياض، كل ذلك حدث بالوقت الذي تقوم به هذه الأطراف بقتل آلاف العرب بالعراق وسوريا واليمن وليبيا، بل وأغمضت المنظمات الحقوقية أعينها عن آلاف الانتهاكات بالعالم العربي وآخرها مقتل شيرين أبوعاقلة صاحبة الجنسية الأميركية، كون استغلال مقتلها لا يحقق مصالح الدول الكبرى.
إنها صناعة الأوثان التي تجيدها هذه الدول وتريدنا أن نكون أدوات مطبلة لهذه الأوثان حتى تحقق مصالحها، لهذا علينا أن نضع هذه الأوثان المصنوعة تحت أقدامنا حتى نحترم أنفسنا نحن كعرب وكأمة واعية لا تحركها ألاعيب سياسية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .