+A
A-

العيش في "الماتريكس" وهل هو حقيقي.. مع الممارس محمد العم

تأتي إلى الإنسان مجموعة من الأفكار الكونية التي تتصارع بداخله، قد تكون أفكارا واقعية أو قريبة للواقع وأخرى قد لا تمت للواقع بأي صلة، وهي التي نسميها بالخيال، الأمر الذي جعل العلماء يستنتجون نظريات كونية معقدة. فالكون الذي نعيش فيه له تكويناته العلمية وهو لغز لا حل نهائي له من حيث طريقة عمله أو القوانين والثوابت التي تحكمه وكيف بدأ وأين سينتهي. 

ومع ظهور تكنولوجيا المعلومات واكتساب الواقع الافتراضي أصبحت البشرية تعيش في حالة من الشكوك في حال كان العالم الذي نعيش فيه حقيقيا أو محاكاة للواقع بطريقة المصفوفة كما هو الحال في سلسلة أفلام "ماتريكس" السينمائية. 

الممارس محمد العم يخبرنا ما هو الماتريكس، ويقول إنه ليس شيئا حقيقيا، هو وهم كالسراب، قد يبدو حقيقيا بالفعل، ولكن كل ما اقتربت منه سيبدأ بالابتعاد، وهكذا هو وضع الغالب، الركض خلف الوهم، سباق تجاه الوهم، يمكننا تعريفه بأنه كتلة من الوهم، تراها حقيقة لأنها بعيدة، سيركض لها البشر العطاشى وسيأخذهم العطش إلى ذلك السراب المزيف، وهذا ما يجعلك تركض خلف السراب، فإن المزيف يبحث عن المزيف. 


أين يوجد الماتريكس في حياتنا؟

السؤال الصحيح هو أين لا يوجد الماتريكس في حياتنا؟ لقد تم تلقينك هذا الوهم منذ الصغر، وكبرت مع هذا الوهم، الآن لا يمكنك رؤية الأشياء كما هي، ترى الأوهام المزروعة فيك وتعتقد أنها حقيقتك وحقيقة الحياة حولك لأنك لا تعرف شيئا آخر سوى ما تم تعليمك، وجميع تعاليمك هي هراء، وأنت سجين هذا الهراء وتدافع وتحارب من أجل هذا الهراء، نحن مليئون بالوهم، نحن مزرعة مليئة بأشجار البلاستيك، إن الماتريكس موجود في جذورك، لهذا لا تستطيع رؤيته، هو في مكان ظلام ومعتم، في سراديبك الداخلية، إنه خلف الكواليس، قد تعلب أدوارا في حياتك وتعتقد أن هذا هو خيارك وهذا هو مصيرك، ولكن في الحقيقة أنت تتحرك من خلال هذا القناع الذي التصق على وجهك، وتعتقد أن هذا هو أنت، لقد نسيت في مرحلة ما في حياتك أنه تم إجبارك على هذه الأقنعة، والآن لا تعرف وجهك الأصلي.. أين يوجد الماتريكس؟ إنه يوجد فيك.


كيف تسيطر على حياتنا؟

إذا أردنا أن نربط كلمة سيطرة مع كلمة ماتريكس، فهي خلق ضمير فيك وإعطاؤك معنى مزيفا للسعادة، هذا الضمير هو كفيل بأن يسيطر على حياتك ويدمر الحياة التي فيك، والسعادة الواهمة كفيلة بأن تجعلك تركض طوال حياتك في طريق لا سعادة له. السعادة والضمير هما العملة التي يتم استخدامها ضدك للسيطرة عليك بشكل كامل، ولكن يعتقد كثيرون أن الضمير هو ما يجعلك إنسانا وأكثر إنسانية ورحمة، ولكن في الحقيقة الضمير هو زراعة الآلية فيك، نظام يجبرك على البقاء في الصندوق المحكم، لقد تم وضعك في الصندوق عندما كان جسدك صغيرا وعقلك كذلك، والآن أنت مختنق، كبر جسدك وعقلك ولكنك ما زلت داخل هذا الضيق، لا تستطيع أن تتحرك، ولا حتى أن تفكر، إن سيطرة الضمير تحكم قبضتها عليك بكل قوة، وتحد من تجربتك في الحياة، تدور حول نفسك دائما وأبدًا، قد يبدوا هذا الحديث مزعجا، كيف للإنسان أن يعيش من دون ضمير؟ ولكن يجب أن نفهم أن الضمير مصنوع من مادة الخوف، والتأنيب، والذنب، ومن هنا يتم السيطرة عليك، كيف ستكون حياتك دون هذا الضمير؟ هنا أولى خطواتك في الاتجاه الجديد، خارج حدود الخوف.

 

لماذا يفضل الأشخاص العيش في الماتريكس على العيش في العالم الحر؟

التاريخ البشري، يعطينا إشارة إلى أن الإنسان يبحث عن قطيع ينتمي له، يبحث عن أشخاص يقودونه، لا يستطيع أن يبقى وحيدًا، يبحث عن قائد، عن مجموعة، لكي يعلق مسؤولية حياته عليهم، لا يريد أن يستخدم ذكاءه الخاص، لا يستطيع الوثوق في ذكائه الخاص وخياراته الخاصة، فالتشابه يعطيه الأمان، أما الاختلاف فيعطيه عدم الأمان، إن المستقبل مجهول وغير مرسوم وغير مخطط، وهذا هو الرعب الأكبر لكل فرد، أن تكون مسؤولا عن حياتك بشكل كامل، فهذا يرعب ضعفاء القلوب، والخروج إلى الحرية يحتاج إلى شجاعة كبيرة، أن تخرج من النفق المظلم تجاه سماء مفتوحة ولوحدك، هذا مرعب، أن تخرج عن القطيع فقد يعرضك ذلك للهجوم من القطيع. مَن يمتلك الشجاعة للبقاء وحيدًا، متفردًا، وأن يختار أن تسير حياته ضمن الخطة الإلهية وليس ضمن خطة البشرية؟

 

كيف يمكن للشخص التحرر من الماتريكس؟

هو يعني التحرر من جذورك، يجب أن تسقط شجرة الوهم، أن ترى أوهامك تسقط أمامك ولا تتمسك بها، تسمح لها بالذوبان، أن ترى ما بداخلك، عالمك الداخلي، ترى مسؤوليتك حول نفسك، هكذا تطرق باب الداخل وتبدأ عملية التحرر ولكن عندما تقرر التحرر من الماتركيس في خارج نفسك، فهو وهم جديد أيضا، كالذي يقطع أغصان الشجرة، وهو لا يدرك أن الأغصان ستزداد قوه وصلابة.

ما علاقته بوسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام؟

وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام سلاح ذو حدين، فقد يستخدمها أشخاص لدعم الماتريكس، وأشخاص آخرين لتفكيك الماتريكس وتحريرك منه، كيف تستخدم هذه الأدوات هي مسؤوليتك، تسمع لمن وتشاهد من؟  هي مسؤوليتك، العالم مفتوح والقرار يعود لك، لا نستطيع أن نرمي المسؤولية على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، فهذا بحد ذاته هروب من المسؤولية تجاه الذات، يجب عليك أنت التوقف وليس العالم الخارجي.

 

كيف تؤثر السجون الفكرية على العقلية البشرية؟

العقل البشري هو السجن، عندما يكون العقل هو السيد فأنت تتحول إلى عبد، معظم البشرية سجينة عقلها وأفكارها..  يجب أن نفهم العقل قليلًا، هو آلية البحث عن المشكلات ولكن ليس حلها، هو آلية تجميع نفايات، ثم إعادة تدويرها، هو آليه التميز بين الإشياء، بين الأفضل والأحسن، بين السلبي والإيجابي، بين النافع والضار، ولكن عندما سقطنا في العقل و;صبح هو السيد، بدء التميز بين البشر، فهذا كافر وهذا مسلم، هذا أبيض وهذا أسود، هذا أقل مستوى وأنا أعلى مستوى، عندما تُسجن في عقلك، هكذا ستكون حياتك، صراع بينك وبين الآخرين، وصراع بينك وبين نفسك أيضًا، بين صوت يريد وصوت آخر لا يريد، بين صوت يذمك وصوت يمدحك، صراع لا ينتهي، هذه هي السجون العقلية.